استشارات قانونية

ما هي العقوبات المفروضة على التسول في السعودية؟

تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بمكافحة ظاهرة التسول لما لها من آثار سلبية على المجتمع، سواء على الصعيد الأمني أو الاجتماعي أو الاقتصادي. وقد سعت الجهات التشريعية والتنفيذية في الدولة إلى وضع أطر قانونية واضحة لتجريم هذا السلوك، مع تحديد العقوبات المفروضة على التسول التي تضمن الردع وتحقيق المصلحة العامة، بالتوازي مع العمل على توفير الدعم للفئات المحتاجة من خلال القنوات الرسمية.

في هذا المقال، نستعرض بشكل موسع العقوبات المفروضة على التسول في السعودية، ونناقش مفهوم البراءة في قضايا التسول، ونظام مكافحة التسول ولائحته التنفيذية، إضافة إلى الآثار السلبية المترتبة على هذه الظاهرة سواء على الأفراد أو المجتمع بأسره.

العقوبات المفروضة على التسول في السعودية

حددت الأنظمة السعودية العقوبات المفروضة على التسول ضمن إطار تشريعي واضح، يشمل كل من يمارس التسول بمختلف أشكاله سواء أكان شخصًا بالغًا أو طفلًا يستخدمه أحدهم لأغراض التسول.

يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة الكذب على الشرطة

وقد جاء في نظام مكافحة التسول الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/20) وتاريخ 1441/7/23هـ، أن التسول يُعد جريمة يعاقب عليها القانون، وتتدرج العقوبات المفروضة على التسول وفقًا لحالة التكرار، وذلك على النحو الآتي:

العقوبات المفروضة على التسول في المرة الأولى

الحبس مدة لا تزيد عن (6) أشهر، أو غرامة لا تتجاوز (50,000) خمسين ألف ريال، أو بكلتا العقوبتين.

العقوبات المفروضة على التسول عند التكرار

إذا تم ضبط الشخص متسولًا مرة أخرى، يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة، أو بغرامة لا تتجاوز (100,000) ريال، أو بكلتا العقوبتين.

العقوبات المفروضة على التسول لغير السعوديين

إذا كان مرتكب جريمة التسول غير سعودي، فإنه يُرحّل من المملكة بعد تنفيذ العقوبة، ويُمنع من العودة إليها وفقًا للأنظمة المعمول بها.

العقوبات المفروضة على التسول عند المشاركة في الجريمة

تشمل العقوبات المفروضة على التسول كل من يُحرّض أو يساعد أو يتفق مع الغير على التسول، أو من يستغل الأطفال أو ذوي الإعاقة في التسول.

وتؤكد وزارة الداخلية وهيئة الأمن العام أن هذه الإجراءات لا تهدف إلى التضييق على الفقراء، وإنما إلى حماية المجتمع من الاحتيال ومن استغلال الأطفال والنساء في التسول، لا سيما من قبل عصابات منظمة.

البراءة في جريمة التسول

على الرغم من وضوح العقوبات، إلا أن النظام لم يغفل جانب العدالة، حيث يُراعى في الإجراءات القضائية أن هناك حالات لا تُعد تسولًا في مفهومها القانوني، أو أن هناك ظروفًا قد تُفضي إلى البراءة.

أبرز أسباب البراءة في جريمة التسول

  • غياب القصد الجنائي: إذا ثبت أن الشخص لا يملك نية التربح أو الاحتيال من فعل التسول، وإنما دفعته الحاجة الحقيقية والعجز عن العمل.
  • غياب الأدلة: لا تُدان أي شخصية ما لم تتوافر أدلة قطعية على ممارستها للتسول أو مشاركتها فيه.
  • حالات إنسانية: في بعض الأحيان، يُحال المتسول إلى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بدلاً من إحالته إلى النيابة، إذا تبيّن أنه بحاجة فعلية للدعم، ويُحوّل لمراكز الرعاية المخصصة.
  • الأطفال والقُصّر: لا يُعاقب القُصّر إذا استُخدموا من قبل آخرين في التسول، بل يتم حمايتهم ومعالجة أوضاعهم اجتماعيًا.

ولذلك فإن العقوبات لا تُطبق بشكل آلي على جميع الحالات، بل تُدرس كل حالة على حدة لضمان تحقيق العدالة والرحمة مع من يستحق.

أهداف نظام مكافحة التسول

أقرت المملكة نظامًا حديثًا لمكافحة التسول عام 2020، يُعد بمثابة نقلة نوعية في معالجة الظاهرة بشكل شمولي. ويركز النظام على:

  • تجريم الفعل: أي ممارسة مظهر من مظاهر التسول في الأماكن العامة أو الخاصة، سواء بطلب المال أو الطعام أو غيره.
  • تشديد العقوبات: عبر تدرج العقوبات المفروضة على التسول من غرامات مالية إلى السجن في حال تكرار الجريمة أو ثبوت الاستغلال.
  • معالجة الظاهرة اجتماعيًا: من خلال إحالة المحتاجين فعليًا إلى الجهات المختصة لدراسة حالتهم وإلحاقهم ببرامج الرعاية.
  • تعزيز الدور الأمني: وذلك بإعطاء الجهات الأمنية الصلاحيات الكاملة لضبط ومتابعة المتسولين.
  • مكافحة العصابات المنظمة: وهي من أخطر ممارسي التسول في الشوارع، ويُعدّ عملهم جريمة جنائية مضاعفة.

يرى المختصون أن هذا النظام يحقق التوازن بين تطبيق العقوبات المفروضة على التسول وبين مراعاة الجوانب الاجتماعية والإنسانية.

اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة التسول

تُعد اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة التسول مكمّلة ومفسّرة للنظام، وقد صدرت بقرار من وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتشمل اللائحة عدة مواد تنظيمية توضح آلية التعامل مع المتسولين وتشمل:

آلية الضبط والتوثيق

  • توثيق كل حالة ضبط بواسطة الجهات الأمنية.
  • رفع تقارير مفصلة عن كل حالة إلى الجهات المختصة.

إجراءات التحويل

  • يتم تحويل المتسول إلى الجهات الاجتماعية المختصة إذا تبيّن حاجته الفعلية.
  • تُدرس حالته من قبل باحث اجتماعي مختص.

استغلال الغير في التسول

  • تُشدد العقوبات في حال استغلال الأطفال أو النساء أو ذوي الإعاقة.
  • يُعاقب المستغل بالعقوبات المقررة، وتُحال الحالة للنيابة العامة.

التوعية العامة

  • تقوم الجهات المختصة بحملات توعية لتعريف المواطنين بخطورة دعم المتسولين في الشوارع.
  • ضرورة توجيه المساعدة عبر القنوات الرسمية مثل الجمعيات المرخصة.

آثار التسول على الفرد والمجتمع

تؤكد الدراسات الاجتماعية والأمنية أن التسول لا يضر فقط من يمارسه، بل يمتد أثره السلبي ليشمل المجتمع بأسره. وفيما يلي أبرز آثار هذه الظاهرة:

أثرها على الفرد

  • الإدمان على الكسل: يعتاد بعض المتسولين على الحصول على المال دون جهد، مما يجعلهم رافضين للعمل.
  • انعدام الكرامة: تتدهور الصورة الذاتية للمتسول مع الوقت، ويعتاد نظرات الشفقة والازدراء.
  • الانخراط في الجريمة: قد يتحول التسول إلى مدخل للسرقة أو النصب أو الترويج للمخدرات.

    يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة البهتان والإساءة للناس

أثرها على المجتمع

  • تشويه الصورة الحضارية: يسيء انتشار المتسولين في الأماكن العامة إلى مظهر المدن ويؤثر على السياحة.
  • زعزعة الأمن: بعض المتسولين يعملون ضمن شبكات منظمة تمارس الجريمة.
  • استنزاف موارد الدعم: تصل التبرعات لبعض المتسولين بدلًا من أن تُصرف للمحتاجين الحقيقيين.

ولهذا السبب، جاءت العقوبات المفروضة على التسول كضرورة لضمان الحفاظ على القيم المجتمعية، وتنظيم العمل الخيري ضمن مؤسسات موثوقة.

العقوبات المفروضة على التسول

 

ختاما، تُعد ظاهرة التسول من الظواهر المعقدة التي تتقاطع فيها الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. ومن هذا المنطلق، حرصت المملكة العربية السعودية على معالجة الظاهرة من خلال سن العقوبات المفروضة على التسول في إطار قانوني متكامل يحمي المجتمع ويوفر الدعم للفئات المحتاجة بطرق منظمة.

ومن المهم التوعية المستمرة بأهمية عدم التعامل مع المتسولين بشكل مباشر، وضرورة الإبلاغ عن حالات التسول وتوجيه التبرعات للجهات المصرح بها، لأن التهاون في هذا السلوك قد يعزز وجود عصابات التسول ويمكّنها من الاستمرار في استغلال الضعفاء.

إن مواجهة التسول ليست مسؤولية الدولة فقط، بل هي مسؤولية جماعية، تبدأ من وعي المواطن وتنتهي بتطبيق القانون بحزم وعدالة.

أسئلة شائعة

ما هي الخطوات القانونية المتبعة لتنفيذ العقوبات؟

بعد ضبط المتسول من قبل الجهات الأمنية، تُحرر محاضر الضبط وتُحال إلى النيابة العامة، التي تتولى التحقيق مع المتهم. ثم تُعرض القضية على المحكمة المختصة للنظر فيها وفق نظام مكافحة التسول. وبناءً على الأحكام القضائية، يتم تنفيذ العقوبات المفروضة على التسول سواء بالسجن أو الغرامة أو الترحيل – حسب الحالة – مع مراعاة التدرج في العقوبة ومدى تكرار الجريمة.

هل توجد برامج تأهيلية للمتسولين بعد انتهاء فترة العقوبة؟

نعم، تعمل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع مؤسسات الرعاية الاجتماعية على تقديم برامج تأهيلية وإعادة دمج المتسولين في المجتمع بعد انتهاء العقوبات المفروضة على التسول. وتشمل هذه البرامج تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتأهيلهم مهنيًا من خلال ورش عمل وفرص تدريبية، لمساعدتهم على بناء حياة مستقرة بعيدًا عن التسول.

ما هي الجهات الحكومية المعنية بتطبيق هذه العقوبات؟

تتشارك عدة جهات حكومية في تطبيق العقوبات المفروضة على التسول، من أبرزها:

  • وزارة الداخلية: من خلال رجال الأمن العام المكلفين بضبط حالات التسول.
  • النيابة العامة: للتحقيق واتخاذ الإجراءات النظامية.
  • وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية: لدراسة الحالات الاجتماعية وتحويل المحتاجين الفعليين للبرامج المناسبة.
  • الجهات القضائية: لإصدار الأحكام القضائية الخاصة بالتسول وتطبيق العقوبات المحددة.

 

نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.

المصادر:

نظام الإجراءات الجزائية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى