ما هي أركان جريمة إهدار المال العام وكيف تثبت في القانون؟

أركان جريمة إهدار المال العام من الموضوعات التي تُشكّل حجر الزاوية في مكافحة الفساد المالي والإداري داخل المملكة العربية السعودية، فهي جريمة تمسّ أموال الدولة ومقدراتها، وتُعد من أخطر صور الإضرار بالمصلحة العامة.
في هذا المقال، سنتناول معنى تبديد المال العام، ثم ننتقل إلى شرح أركان جريمة إهدار المال العام بالتفصيل وفق النظام السعودي، مع الإشارة إلى المواد القانونية ذات الصلة، وأخيرًا نوضّح العلاقة بينها وبين جرائم الاختلاس وأوجه الاختلاف من الناحية النظامية.
معنى تبديد المال العام
يُعد تبديد المال العام من أخطر الأفعال التي تمس نزاهة الوظيفة العامة وتهدد الثقة بين الدولة والمجتمع. فعند الحديث عن أركان جريمة إهدار المال العام، لا يمكن تجاهل أن التبديد هو البوابة الأولى لقيام هذه الجريمة، إذ يُمثل كل تصرف أو إهمال يؤدي إلى ضياع أو استعمال أموال الدولة في غير الأغراض المخصصة لها.
ويستند هذا المفهوم إلى عدد من الأنظمة السعودية التي تهدف إلى حماية المال العام، أبرزها نظام حماية المال العام ونظام مكافحة الرشوة، حيث شددت النصوص القانونية على أن المال العام أمانة في يد الموظف العام، وأي تصرف فيه بغير وجه حق يُعد جريمة يعاقب عليها النظام.
يمكنك التعرف أيضا على: نموذج التسوية الودية
الأساس النظامي
تنص المادة (1) من نظام مكافحة الرشوة على أن:
“يُعد في حكم المرتشي كل موظف عام يخلّ بواجبات وظيفته للحصول على مصلحة شخصية أو لغيره، ويُعاقب بالسجن وبالغرامة.”
وهذا النص يفتح المجال لتفسير موسّع لمفهوم تبديد المال العام، إذ لا يُشترط أن يكون هناك اختلاس مباشر أو سرقة فعلية، بل يكفي أن يُسيء الموظف إدارة المال العام أو يتصرف فيه بإهمال أو بغير مبرر نظامي ليقع تحت طائلة أركان جريمة إهدار المال العام.
صور تبديد المال العام
ومن أبرز صور تبديد المال العام التي تؤدي إلى قيام الجريمة:
- توقيع عقود حكومية بأسعار تفوق القيمة السوقية دون مبرر.
- استغلال المركبات أو الممتلكات الحكومية لأغراض شخصية.
- صرف مكافآت أو بدلات من المال العام خارج الأنظمة والتعليمات.
- الإهمال الجسيم في إدارة أو صيانة المرافق العامة مما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة.
- إبرام عقود أو اتفاقيات تخالف القواعد النظامية وتؤدي إلى ضرر مالي مباشر بالخزينة العامة.
ومن خلال هذه الأمثلة يتضح أن تبديد المال العام لا يُعد خطأً إداريًا فحسب، بل هو سلوك يُكوّن أحد أركان جريمة إهدار المال العام متى توافرت النية والعلم بأن التصرف يضر بالمال العام أو يخالف الأنظمة.
وهكذا، يُمكن القول إن تبديد المال العام هو الصورة العملية الأولى لقيام جريمة إهدار المال العام، والتي تُعد من الجرائم التي تُلاحق جنائيًا أمام الجهات المختصة حمايةً لمقدرات الدولة وضمانًا لاستخدامها في الأوجه الصحيحة التي تحقق المصلحة العامة.
أركان جريمة إهدار المال العام في النظام السعودي
تُعد أركان جريمة إهدار المال العام من الركائز الأساسية التي يعتمد عليها القضاء السعودي لإثبات وقوع الجريمة وتحديد المسؤولية النظامية.
إذ لا يكفي مجرد الاشتباه أو الخطأ الإداري لإدانة الشخص، بل يجب أن تتوافر الأركان الثلاثة التي تُكوّن البنية القانونية للجريمة وهي: الركن المادي، والركن المعنوي، والركن الشرعي.
أولاً: الركن المادي: الفعل الذي يمس المال العام
الركن المادي هو العنصر الظاهر للجريمة، أي التصرف أو السلوك الفعلي الذي يؤدي إلى ضياع المال العام أو الانتقاص منه.
ويتحقق هذا الركن عندما يقوم الموظف العام أو المسؤول باتخاذ فعل مادي يؤدي إلى إهدار أموال الدولة سواء عن قصد أو نتيجة إهمال جسيم.
أمثلة على الركن المادي في أركان جريمة إهدار المال العام
- توقيع عقود أو أوامر صرف دون وجه نظامي.
- شراء أو توريد سلع وخدمات بأسعار تفوق قيمتها السوقية.
- صرف مكافآت أو بدلات غير مستحقة من ميزانية الجهة الحكومية.
- إهمال في صيانة الممتلكات العامة مما يؤدي إلى تلفها.
- إساءة استخدام الأصول والمعدات الحكومية لمصالح شخصية.
وقد جاء في المادة (2) من نظام حماية المال العام ما يؤكد هذا الركن:
“يُحظر على أي موظف عام استعمال أموال الدولة أو ممتلكاتها لمصلحته الخاصة أو لمصلحة غيره.”
هذا النص يُعتبر أحد الأسس القانونية لتجريم أي تصرف مادي يؤدي إلى المساس بالمال العام أو إهداره، حتى وإن لم يحقق الجاني منفعة مباشرة لنفسه.
ثانياً: الركن المعنوي: القصد الجنائي وإرادة الإضرار
الركن المعنوي في أركان جريمة إهدار المال العام هو النية الداخلية للجاني، أي إدراكه أن فعله مخالف للنظام ويُسبب ضررًا بالمال العام، ومع ذلك يقدم عليه بإرادة حرة.
ويُفرّق النظام السعودي بين حالتين مهمتين في هذا الركن:
1. الإهمال الجسيم أو التقصير الإداري
عندما يكون الفعل ناتجًا عن خطأ أو عدم احتراز دون نية إجرامية، فإنه يُعد مخالفة تأديبية تستوجب العقوبة الإدارية أو الفصل، دون أن تُصنف كجريمة جزائية.
2. القصد الجنائي المباشر
عندما يتصرف الموظف أو المسؤول مع علمه المسبق بأن تصرفه يؤدي إلى إهدار المال العام، فيُعد ذلك جريمة جزائية تستوجب العقوبة بالسجن والغرامة وفق الأنظمة المعمول بها.
وهذا الركن يُعد من أصعب الأركان في الإثبات، لأنه يتعلق بالنوايا، وغالبًا ما يُستدل عليه من القرائن والسلوكيات والمستندات مثل العقود الموقعة أو التحويلات المالية أو القرارات الإدارية المشبوهة.
ثالثاً: الركن الشرعي: وجود النص النظامي المجرِّم للفعل
الركن الشرعي هو الذي يمنح الجريمة صفتها القانونية، ويضمن أن العقوبة تُفرض بناءً على نص نظامي واضح.
إذ لا يمكن معاقبة أي شخص على فعل ما لم يرد نص يُجرّمه، وهذا ما نصّت عليه المادة (38) من النظام الأساسي للحكم:
“العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص شرعي أو نظامي.”
وبناءً على هذا الأصل، فإن أركان جريمة إهدار المال العام لا تقوم إلا إذا كان هناك نظام صريح يُجرّم الفعل مثل:
- نظام حماية المال العام.
- نظام مكافحة الرشوة.
- نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة.
وكلها تشترك في حماية المال العام من العبث أو التصرف غير المشروع، سواء من موظف عام أو من جهة تتعامل بأموال الدولة.
العقوبات النظامية لجريمة إهدار المال العام
عند ثبوت أركان جريمة إهدار المال العام بجميع عناصرها، فإن العقوبات تكون صارمة، نظرًا لحساسية الجريمة وخطورتها على المصلحة العامة. وتشمل العقوبات النظامية الآتي:
- السجن لمدة قد تصل إلى عشر (10) سنوات حسب جسامة الفعل.
- غرامة مالية تصل إلى مليون ريال سعودي أو ما يعادل قيمة الضرر الناتج عن الجريمة.
- العزل من الوظيفة العامة والمنع من تولي أي منصب إداري أو إشرافي مستقبلاً.
- مصادرة الأموال أو المبالغ المتحصلة من الجريمة لصالح خزينة الدولة.
- إحالة القضية إلى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في حال ثبوت وجود شبهة فساد مالي أو إساءة استخدام للسلطة.
وبذلك يتضح أن أركان جريمة إهدار المال العام في النظام السعودي ليست مجرد مفهوم قانوني نظري، بل هي أداة عملية لحماية أموال الدولة من الاستغلال أو الضياع، وتأكيد على أن كل موظف أو مسؤول مؤتمن على المال العام، وسيُحاسب نظاميًا إذا أخل بهذه الأمانة.
كيفية إثبات جريمة إهدار المال العام في النظام السعودي
إثبات أركان جريمة إهدار المال العام أمام القضاء السعودي يُعد من أدق المراحل في سير الدعوى، نظرًا لتعقيد الجرائم المالية وصعوبة تتبع مسار الأموال داخل الجهات الحكومية أو المؤسسات العامة.
ولذلك، يعتمد القضاء والجهات الرقابية على مجموعة من الأدلة النظامية والقرائن الفنية التي تُثبت ارتكاب الجريمة بشكل قاطع.
أولاً: أنواع الأدلة المعتمدة في إثبات الجريمة
لإثبات أركان جريمة إهدار المال العام، يجب تقديم أدلة رسمية ومادية تعكس وقوع الفعل المجرّم، ومن أبرزها:
1. التقارير المالية والمحاسبية الرسمية
- وهي المستندات الصادرة عن وحدات المراجعة الداخلية أو ديوان المحاسبة أو المكاتب القانونية المعتمدة.
- تكشف هذه التقارير وجود مخالفات مالية، كصرف مبالغ غير مبررة، أو عقود مشبوهة، أو تضخم في فواتير المشاريع الحكومية.
2. محاضر التحقيق من هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)
- تُعد هذه المحاضر من أهم الأدلة النظامية، إذ تتضمن نتائج التحقيق الإداري، وسماع أقوال المتهمين، وتحليل الوثائق المالية.
- وتُعتبر “نزاهة” جهة مختصة قانونًا وفق تنظيمها الصادر بالأمر الملكي رقم (أ/277) بتاريخ 1441/4/15هـ، بجمع الأدلة وإحالة القضايا الجنائية إلى النيابة العامة.
3. شهادات الموظفين أو المتعاقدين المرتبطين بالواقعة
- تُستخدم الشهادات لتأكيد أو نفي وقوع الإهدار المالي، خصوصًا في القضايا التي تتعلق بسوء استخدام السلطة أو اتخاذ قرارات مالية غير مبررة.
- كما يمكن أن يُستعان بشهادة المحاسبين أو المراجعين الداخليين لتوضيح الأثر المالي الناتج عن الجريمة.
4. المراسلات والعقود التي تم فيها التجاوز المالي
- تعد هذه الوثائق من الأدلة الجوهرية في إثبات أركان جريمة إهدار المال العام، إذ تُظهر بوضوح كيفية التصرف في المال العام، ومن صادق على الصرف، وهل تمت الموافقات النظامية من الجهات المختصة أم لا.
ثانياً: دور هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)
تلعب هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) دورًا محوريًا في كشف وإثبات جريمة إهدار المال العام، حيث تتولى الهيئة بموجب صلاحياتها النظامية:
- التحري وجمع المعلومات حول أي شبهات تتعلق بالفساد المالي أو الإداري.
- مراجعة العقود والمناقصات الحكومية للتأكد من مطابقتها للأنظمة والتعليمات.
- إجراء التحقيق الإداري مع الموظفين المشتبه بهم قبل إحالة القضية للنيابة العامة.
- رفع التوصيات والتقارير النهائية إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ الإجراءات النظامية بحق المخالفين.
ويُعزز هذا الدور ما نص عليه المادة (3) من تنظيم هيئة الرقابة ومكافحة الفساد التي تنص على أن من مهام الهيئة:
“التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في الجهات المشمولة باختصاصها، والتحقق منها، واتخاذ ما يلزم حيالها وفق الأنظمة.”
ثالثاً: الإجراءات القضائية لإثبات الجريمة
بعد اكتمال جمع الأدلة من الجهات الرقابية، تُحال القضية إلى النيابة العامة التي تتولى التحقيق وفقًا لأحكام نظام الإجراءات الجزائية، ثم تُحال الدعوى إلى المحكمة الجزائية المختصة للنظر فيها.
وتشمل مراحل الإثبات ما يلي:
- التحقيق الابتدائي من قِبل النيابة العامة بناءً على الأدلة المرفقة.
- استجواب المتهمين ومواجهتهم بالوثائق الرسمية.
- سماع الشهود والخبراء المحاسبيين لتقدير حجم الضرر المالي.
- إصدار الحكم القضائي الذي يُحدد المسؤولية والعقوبة استنادًا إلى أركان جريمة إهدار المال العام الثابتة بالأدلة.
إثبات جريمة إهدار المال العام في السعودية يعتمد على منهج دقيق يجمع بين الأدلة المادية والقرائن القانونية، مع إشراف مؤسسي من “نزاهة” والنيابة العامة لضمان العدالة والشفافية.
فكل مستند مالي أو إجراء إداري يمكن أن يكون مفتاحًا لكشف الحقيقة، مما يجعل الحذر المالي والالتزام بالأنظمة أمرًا واجبًا على كل موظف يتعامل مع المال العام.
العلاقة بين جريمة إهدار المال العام وجرائم الاختلاس
رغم أن كلتا الجريمتين تمسان المال العام وتؤديان إلى خسارته، إلا أن الفرق بينهما يظهر بوضوح عند تحليل أركان جريمة إهدار المال العام ومقارنتها بأركان جريمة الاختلاس، خاصة فيما يتعلق بالقصد الجنائي وطبيعة التصرف بالمال.
1. من حيث التعريف القانوني
- إهدار المال العام: هو إساءة استخدام المال العام أو التصرف فيه دون وجه حق أو تجاوز حدود الصلاحيات، مما يؤدي إلى ضياع أو تقليل قيمته، وهو ما يُدرس بناءً على أركان جريمة إهدار المال العام الثلاثة (المادي، المعنوي، والشرعي).
- الاختلاس: هو الاستيلاء المتعمّد على المال العام بنية التملك الشخصي وتحويله إلى منفعة خاصة.
2. من حيث القصد الجنائي (الركن المعنوي)
- في جريمة إهدار المال العام، قد ينشأ الفعل عن إهمال جسيم أو سوء تقدير إداري، وفي هذه الحالة يظل خطأً إداريًا أو جنائيًا بحسب مدى الضرر والقصد.
- أما الاختلاس فلا يتحقق إلا بتوافر نية صريحة في الاستيلاء على المال العام وتملّكه بغير حق.
3. من حيث النصوص النظامية
- جريمة إهدار المال العام تخضع لأحكام نظام حماية المال العام، الذي يُحدّد مسؤولية الموظفين العموميين عن أي تصرف يؤدي إلى تبديد المال العام.
- بينما الاختلاس يعاقب عليه وفق المادة (10) من نظام مكافحة الرشوة، والتي تنص على أن: “يُعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال كل موظف عام اختلس مالاً عاماً أو بدده أو سهّل لغيره الاستيلاء عليه.”
4. من حيث الجهة المختصة
- تتولى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) متابعة القضايا المتعلقة بـ أركان جريمة إهدار المال العام والتحقق من وجود مخالفة نظامية أو سوء إدارة.
- بينما تنظر النيابة العامة والمحاكم الجزائية في قضايا الاختلاس لارتباطها بالقصد الجنائي والعقوبات الجزائية.
أمثلة قضائية توضيحية
- قضية إدارية – إهدار المال العام:
- أحد مديري المشاريع في جهة حكومية صادق على عقود توريد أجهزة بأسعار أعلى من قيمتها السوقية دون مراجعة فنية كافية.
- التحقيقات أثبتت عدم وجود نية للمنفعة الشخصية، بل إهمال في المتابعة، فتمت إحالته إلى لجنة تأديبية بتهمة إهمال أدى إلى إهدار المال العام دون تجريمه جنائيًا.
- قضية جنائية – اختلاس:
- موظف في وحدة مالية قام بتحويل مبالغ من حسابات مؤسسة عامة إلى حسابه الشخصي مستخدمًا بيانات مزوّرة.
- هنا توافرت جميع أركان جريمة إهدار المال العام بالإضافة إلى نية التملك، فتم تصنيف الجريمة اختلاسًا وعوقب وفق نظام مكافحة الرشوة بالسجن والغرامة والعزل من المنصب.
يتضح أن أركان جريمة إهدار المال العام قد تمثل الأساس الذي تُبنى عليه التفرقة القانونية بين مجرد الإهمال الإداري والاختلاس الجنائي. فكل اختلاس يتضمن إهدارًا، ولكن ليس كل إهدار يُعد اختلاسًا، إذ تبقى النية هي الحدّ الفاصل بين المسؤولية الإدارية والمسؤولية الجزائية.
نصائح قانونية لتجنب الوقوع في جريمة إهدار المال العام
تُعد الوقاية القانونية والإدارية من أخطر صور الإهدار المالي، لأنها تُجنب الجهات الحكومية والمؤسسات العامة الدخول في دوامة التحقيقات والمساءلة.
ولتفادي وقوع أركان جريمة إهدار المال العام بنصوصها النظامية، يجب الالتزام بعدد من الإجراءات الوقائية الدقيقة:
1. الشفافية في جميع المعاملات المالية
تطبيق مبدأ الشفافية والمنافسة العادلة في العقود الحكومية والمشتريات، وفقًا لما نص عليه نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الصادر عام 1440هـ، يقلل من احتمالية الإخلال بالمال العام أو إساءة استخدامه.
2. التدقيق والمراجعة الدورية
إلزام الإدارات المالية بإجراء مراجعات شهرية وسنوية للحسابات، مع رفع تقارير دورية إلى الجهات الرقابية مثل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، يُعد من أهم وسائل منع تحقق أركان جريمة إهدار المال العام.
3. تعزيز الوعي النظامي لدى الموظفين
نشر ثقافة النزاهة والالتزام بالأنظمة بين الموظفين العموميين يسهم في الحد من الأخطاء التي قد تُصنَّف قانونيًا كـ “إهمال جسيم” أو “تبديد للمال العام”.
فالمعرفة المسبقة بالنظام الأساسي للحكم ونظام حماية المال العام تمثل خط الدفاع الأول ضد الإهدار.
4. الرقابة المسبقة على القرارات المالية
اعتماد مبدأ الرقابة الوقائية قبل إصدار أوامر الصرف أو التوقيع على العقود الكبرى، بحيث تُراجع المستندات قانونيًا وماليًا قبل التنفيذ.
هذا الإجراء البسيط يحول دون اكتمال أركان جريمة إهدار المال العام من أساسها.
5. تفعيل قنوات الإبلاغ عن الفساد
تشجع هيئة نزاهة المواطنين والموظفين على الإبلاغ عن أي شبهة تتعلق بإهدار المال العام من خلال المنصات الإلكترونية أو الرقم المخصص لذلك، مع ضمان سرية المبلّغ وحمايته قانونيًا.
6. المساءلة الإدارية العادلة
التعامل الجاد والسريع مع أي خلل إداري أو مالي دون تساهل، لأن التغاضي عن الأخطاء البسيطة قد يفتح الباب أمام ممارسات أكبر تُشكّل لاحقًا أركان جريمة إهدار المال العام مكتملة الأركان.
يمكنك التعرف أيضا على: التسوية الودية للافراد
ختاما، تُعد أركان جريمة إهدار المال العام من أخطر ما يمكن أن يُواجه المؤسسات الحكومية أو منسوبيها، لأنها تمسّ الثقة العامة وتؤثر على كفاءة الاقتصاد الوطني.
ولذلك، شددت الأنظمة السعودية، مثل نظام حماية المال العام ونظام مكافحة الرشوة — على ضرورة محاسبة كل من يُسيء التصرف في المال العام أو يتهاون في صيانته.
للتواصل مع محامينا المختصين في قضايا المال العام والإدارية، يمكنكم التواصل عبر موقعنا الإلكتروني أو من خلال القنوات الرسمية للحصول على استشارة قانونية دقيقة ومبنية على الأنظمة السعودية الحديثة.
أسئلة شائعة
هل يمكن تطبيق أركان جريمة إهدار المال العام على الجهات شبه الحكومية؟
نعم، إذا ثبت وجود الركن المادي والمعنوي والشرعي، فإن الموظفين في الجهات شبه الحكومية يخضعون لنفس الضوابط والعقوبات المقررة في النظام السعودي.
ما دور الرقابة الداخلية في منع تحقق أركان جريمة إهدار المال العام؟
تساهم الرقابة الداخلية في اكتشاف التجاوزات المالية قبل وقوع الضرر، وتقليل فرص توافر الركن المادي والمعنوي للجريمة.
هل يمكن إسقاط المسؤولية الجنائية إذا وقع تبديد المال العام عن طريق خطأ غير متعمد؟
لا يُسقط ذلك العقوبة الجنائية بالكامل، لكنه قد يحوّل الحالة إلى مسؤولية تأديبية بدلاً من جزائية، إذ لا يكتمل الركن المعنوي لجريمة إهدار المال العام.
كيف تُثبت النيابة العامة الركن المعنوي في أركان جريمة إهدار المال العام؟
من خلال التحقيقات، والاستماع للشهود، ومراجعة المراسلات والوثائق المالية التي تُظهر القصد المباشر أو الإهمال الجسيم.
هل تختلف العقوبات إذا ارتكب أكثر من موظف أركان جريمة إهدار المال العام معًا؟
نعم، يمكن أن تتضاعف العقوبات أو يُفرض الحبس والغرامة على كل شخص بحسب دوره في تحقق الركن المادي والمعنوي، بما يتماشى مع النصوص النظامية.
نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.
المصادر