نظام المرافعات الشرعية

تعرف علي عقوبة الشكوى الكيدية​ في القانون السعودي

في إطار سعي المملكة العربية السعودية لتعزيز العدالة والحد من استغلال النظام القضائي، أولى النظام القضائي اهتمامًا خاصًا بمكافحة الشكاوى الكيدية.

تُعد الشكوى الكيدية من التصرفات التي تُسيء إلى العدالة وتُهدد استقرار المجتمع، حيث يُقصد بها تقديم شكوى أو دعوى ضد شخص آخر دون وجود حق قانوني، بهدف الإضرار به أو تشويه سمعته. وقد أقر النظام السعودي عقوبة الشكوى الكيدية الصارمة للحد من هذه الظاهرة، وضمان حماية الأفراد من التعرض لمثل هذه الشكاوى.

تعريف الدعوى الكيدية في النظام السعودي

تُعرف الدعوى الكيدية في النظام القضائي السعودي بأنها المطالبة القضائية التي يتقدم بها شخص ضد شخص آخر من غير أن يكون له حق شرعي أو قانوني واضح، ويكون الدافع الحقيقي وراء رفع هذه الدعوى هو الإضرار بالمدعى عليه أو التشهير به أو استنزاف جهده ووقته وأمواله، وليس الغرض منها الوصول إلى حق مشروع.

وفي هذا السياق، فإن الشكوى الكيدية تمثل صورة من صور إساءة استخدام الحق في التقاضي، إذ أن النظام القضائي وُضع لتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين، لا ليكون أداة في يد من يسعى إلى الكيد والافتراء. ولذلك يتم تطبيق عقوبة الشكوى الكيدية.

يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة شهادة الزور في السعودية

عقوبة الشكوى الكيدية​

تُعد عقوبة الشكوى الكيدية أداة رادعة لمن تسوّل له نفسه استغلال آليات التقاضي لأغراض شخصية أو انتقامية، حيث تنقسم العقوبات إلى عدة مستويات، تختلف باختلاف حجم الضرر، وسوء النية، وطبيعة الدعوى المقدمة، وتكرار المخالفة.

تتمثل أبرز العقوبات فيما يلي:

رفض الدعوى من قبل المحكمة

إذا تبيّن للقاضي من خلال دراسة القضية والبينات المقدمة أن الشكوى لا تقوم على أي أساس شرعي أو قانوني، وأن غايتها الإضرار بالمدعى عليه، فإنه يقوم برفض الدعوى بالكامل مع تسجيلها في سجل الدعوى الكيدية، وهو ما يُعد أولى صور العقوبة القانونية.

فرض التعزير على المدعي

يخول النظام للقاضي سلطة تقديرية لتعزير المدعي الكيدي، وهو ما يُعرف في الشريعة الإسلامية بـ”التعزير”؛ أي توقيع عقوبة الشكوى الكيدية غير مقدّرة شرعًا، يحددها القاضي بحسب جسامة الفعل وتأثيره. وقد يشمل هذا التعزير:

  • الغرامة المالية.
  • السجن لمدة يراها القاضي مناسبة.
  • أو الجمع بين العقوبتين في بعض الحالات الخطيرة.

إلزام المدعي بدفع التعويض في الدعوى الكيدية

من أبرز صور عقوبة الشكوى الكيدية في السعودية، إلزام المدعي الكيدي بدفع تعويض مالي للمدعى عليه، مقابل الأضرار التي لحقت به، والتي تشمل:

  • الأضرار المادية: مثل أتعاب المحاماة، نفقات التقاضي، الأضرار في العمل أو الوظيفة نتيجة السمعة.
  • الأضرار المعنوية: كالتشهير، أو الإساءة للسمعة، أو الحرج الاجتماعي والنفسي الذي تعرض له.

ويُحسب مبلغ التعويض بناءً على حجم الضرر المثبت في الأوراق الرسمية، وفي كثير من الحالات تُلزم المحكمة المدعي الكيدي بإصدار اعتذار رسمي.

سجل السوابق القضائية

قد يُسجَّل اسم المدعي الكيدي في السجل القضائي، خاصة في حال تكرار تقديم شكاوى كيدية، وهو ما يُمكن أن يؤثر سلبًا على مستقبله القانوني، وقدرته على اللجوء للمحاكم لاحقًا.

شروط الشكوى الكيدية في السعودية

لكي يتم تصنيف الشكوى بأنها شكوى كيدية، لا بد أن تتوافر عدة شروط محددة ومعايير قانونية، تُمكّن القاضي من التمييز بين الشكوى الصحيحة المبنية على حق مشروع، وبين الشكوى التي تهدف فقط إلى الإضرار بالغير دون وجه حق.

أولاً: انعدام الحق أو السبب المشروع

الشرط الأساسي لاعتبار الشكوى كيدية هو عدم وجود أي حق مشروع أو قانوني يدعم الشكوى، أي أن المدعي يرفع الدعوى دون أن يكون له مصلحة حقيقية أو حق قانوني واضح في القضية. وغالبًا ما يتضح ذلك من خلال:

  • تقديم أدلة واهية أو غير صحيحة.
  • اختلاق وقائع غير واقعية.
  • ضعف التكييف القانوني للدعوى.

ثانيًا: وجود نية الإضرار أو الكيد

لا يكفي مجرد انعدام الحق لاعتبار الشكوى كيدية، بل يجب أيضًا إثبات سوء النية أو الدافع السلبي لدى المدعي لتطبيق عقوبة الشكوى الكيدية، مثل:

  • الرغبة في التشهير بالمدعى عليه.
  • الانتقام منه بسبب خلافات شخصية أو سابقة.
  • تعطيل مصالحه أو التأثير على سمعته أمام القضاء أو المجتمع.

وهذا ما يسعى القاضي لإثباته عبر قرائن متعددة، مثل سلوك المدعي في جلسات المحاكمة، أو تكرار رفع دعاوى ضده دون أسباب قوية.

ثالثًا: ثبوت كذب الادعاء بالأدلة

يُشترط كذلك أن يتم إثبات كذب الادعاء من خلال الأدلة أو التحقيقات أو تناقض أقوال المدعي، أو من خلال اعترافه الصريح. ولا يُبنى الحكم بالكيدية على الظن أو الانطباع، بل على وقائع مثبتة، مثل:

  • تزوير مستندات.
  • تقديم شهود غير حقيقيين.
  • تضارب الروايات.

رابعًا: ثبوت الضرر على المدعى عليه

من الشروط الهامة أيضًا أن يكون هناك ضرر واقع فعليًا على الطرف المدعى عليه نتيجة هذه الشكوى الكيدية، ويُشترط أن يكون الضرر واضحًا وملموسًا، مثل:

  • تضرر سمعته الاجتماعية أو المهنية.
  • تحمله نفقات مالية كبيرة نتيجة الدفاع عن نفسه.
  • معاناته من ضغط نفسي أو قلق بسبب القضية المفتراة.

خامسًا: النية المكررة (في حال تعدد الشكاوى)

إذا ثبت أن المدعي قد تقدّم بشكاوى كيدية سابقة ضد نفس الشخص أو آخرين، فقد يُعتبر ذلك من الدلائل القوية على سوء النية، وتُستخدم هذه السوابق القضائية لإثبات الكيدية وتغليظ عقوبة الشكوى الكيدية.

الشكوى الكيدية في العمل

في بيئة العمل، قد تُقدم شكاوى كيدية من قبل موظفين ضد زملائهم أو ضد الإدارة، بهدف الإضرار بهم أو تحقيق مصالح شخصية. وتشمل هذه الشكاوى:

  • ادعاءات كاذبة بالتحرش أو التمييز.
  • شكاوى زائفة عن مخالفات إدارية أو مالية.

ويُعد تقديم مثل هذه الشكاوى مخالفة جسيمة، تُعرض مقدمها لـ عقوبة الشكوى الكيدية​ المنصوص عليها في النظام، بالإضافة إلى إمكانية فصله من العمل.

العقوبات الإدارية في حال الشكوى الكيدية في العمل

في بيئة العمل، إذا ثبت أن الموظف قدّم شكوى كيدية ضد زميل أو جهة العمل دون مبرر، فقد يتم:

  • توجيه إنذار كتابي.
  • الخصم من الراتب.
  • الفصل النهائي في الحالات المتكررة.

ويؤكد النظام السعودي أن الحق في التقاضي حق مكفول للجميع، بشرط أن يُستخدم بنزاهة وصدق، وليس بغرض التعدي على الآخرين أو الإساءة إليهم.

مثال على الدعوى الكيدية

لنفترض أن هناك شخصًا يُدعى “سلمان”، كان يعمل لدى شركة خاصة، وحدث بينه وبين زميله “ناصر” خلاف شخصي لا علاقة له بالعمل. شعر سلمان بالغضب وقرر الانتقام، فتقدّم بشكوى رسمية إلى المحكمة يتّهم فيها ناصر بسرقة بيانات الشركة وتسريبها إلى منافسين.

دعم شكواه بوثائق عامة لا تُثبت شيئًا محددًا، وذكر شهودًا غير متعاونين ولا تربطهم صلة بالواقعة. وبالفعل، تم استدعاء ناصر، وبدأت المحكمة إجراءات التقاضي.

لكن خلال التحقيق، لم تُثبت التهمة بأي دليل قاطع، وتبيّن أن المستندات غير مرتبطة بالقضية، كما أن الشهود أنكروا علمهم بأي واقعة.

إضافة إلى ذلك، تبيّن من مراجعة سجل سلمان أنه سبق وتقدم بشكاوى متعددة ضد أكثر من زميل، وجميعها تم رفضها لعدم كفاية الأدلة.

بناءً على ما سبق، قررت المحكمة رفض الدعوى، واعتبارها دعوى كيدية بنيت على باطل وبنية الإضرار، وقضت بـ عقوبة الشكوى الكيدية​ كالتالي:

  • رفض الدعوى لعدم صحتها.
  • تسجيل الدعوى في سجل الدعاوى الكيدية.
  • تغريم المدعي مبلغًا ماليًا لتعويض المدعى عليه عن الأضرار التي لحقت به، وتشمل أتعاب المحامي والضرر المعنوي.
  • تحذير رسمي من تكرار هذا السلوك، مع تهديد بعقوبات أشد في حال تكراره.

    يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة تضليل العدالة في السعودية

صيغة رد على شكوى كيدية

صيغة رد على شكوى كيدية تضمن للمدعى عليه الرد بشكل قانوني، وتُعتبر وثيقة رسمية يمكن أن تُقدّم للمحكمة كجزء من الدفاع عن نفسه في حال كانت الدعوى كيدية.

صيغة رد على شكوى كيدية

بسم الله الرحمن الرحيم

الجهة المختصة: (اسم المحكمة أو الجهة المختصة)

رقم الدعوى: (رقم الدعوى)

الموضوع: رد على الشكوى الكيدية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أنا المدعى عليه/ (اسم المدعى عليه) في القضية رقم (رقم القضية) والتي رفعها (اسم المدعي) ضدي في تاريخ (تاريخ رفع الشكوى). وبخصوص الشكوى المقدمة من المدعي، أود أن أقدم هذا الرد على النحو التالي:

أولاً: أرفض كافة الادعاءات التي وردت في الشكوى المقدمة ضدي، حيث أن هذه الدعوى لا تقوم على أي أساس قانوني أو شرعي، ولدي من الأدلة والشهادات ما يثبت براءتي مما تم اتهامي به.

ثانيًا: أقدم للمحكمة الموقرة مستندات تشمل (أدلة، وثائق، شهادات، تسجيلات) التي تؤكد صحة ما أقوله وتدحض الادعاء المقدم ضدي. (يتم ذكر تفاصيل الأدلة وتوضيح كيفية دعمها لموقف المدعى عليه).

ثالثًا: إن تقديم هذه الدعوى جاء بهدف (شرح دوافع المدعي – انتقام شخصي أو خلاف سابق) بما يتوافق مع ما ورد من دليل على نية المدعي في إيذائي دون حق.

وعليه، أطلب من المحكمة الموقرة:

رفض الدعوى المرفوعة ضدي بناءً على كيديتها.

النظر في تطبيق العقوبات المناسبة ضد المدعي وفقًا للنظام المتبع في المملكة العربية السعودية.

إلزام المدعي بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بي من جراء هذه الدعوى الكيدية.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.

المدعى عليه: (اسم المدعى عليه)

التوقيع: (توقيع المدعى عليه)

التاريخ: (تاريخ تقديم الرد)

عقوبة الشكوى الكيدية

 

ختاما، تُعد الشكوى الكيدية من الأفعال التي تُسيء إلى النظام القضائي وتُهدد استقرار المجتمع. وقد أقر النظام السعودي عقوبة الشكوى الكيدية صارمة للحد من هذه الظاهرة، وضمان حماية الأفراد من التعرض لمثل هذه الشكاوى.

ومن المهم توعية المجتمع بخطورة تقديم شكاوى كيدية، وتشجيع الأفراد على استخدام النظام القضائي لتحقيق العدالة، وليس للإضرار بالآخرين.

أسئلة شائعة

ما هي الإجراءات اللازمة لاستعادة الاعتبار بعد تقديم شكوى كيدية؟

عند صدور حكم من المحكمة بثبوت كيدية الشكوى، يحق للمدعى عليه المطالبة بـ رد اعتباره رسميًا من خلال تقديم طلب بذلك، ويمكنه أيضًا السعي إلى تعويض مالي عادل عن الضرر المادي والمعنوي.

كما يُمكنه اللجوء إلى جهات الإعلام أو المؤسسات الاجتماعية لتوضيح موقفه، خاصة إذا أثّرت الشكوى على سمعته أو عمله. وتساعد الأحكام القضائية الصادرة لصالحه في إثبات براءته أمام الجميع وتعويض الضرر المعنوي الواقع عليه.

 

نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.

المصادر:

نظام المرافعات الشرعية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى