اليك عقوبة من خبب زوج على زوجته في النظام السعودي

في إطار سعي المملكة العربية السعودية لحماية مؤسسة الزواج والمحافظة على كيان الأسرة من التفكك والانهيار، أقر النظام السعودي عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه التدخل في علاقة الزوجين بغرض الإفساد أو التحريض، وهي ما تُعرف في الشريعة والقانون بجريمة التخبيب.
في هذا المقال، نتناول شرحًا مفصلًا حول مفهوم التخبيب، ونستعرض عقوبة من خبب زوج على زوجته بحسب ما نص عليه النظام السعودي، بالإضافة إلى مناقشة كون التخبيب من الكبائر، وأخيرًا شروط رفع قضية تخبيب.
معنى تخبيب الزوج على زوجته
يُقصد بالتخبيب في اللغة: الإفساد، وهو مشتق من “خبَّب”، أي أفسد. أما من الناحية الشرعية والقانونية، فيعني: قيام شخص خارجي بالتدخل في العلاقة بين الزوجين بهدف التحريض أو الإفساد، سواء كان ذلك بإثارة الشك، أو نقل الأكاذيب، أو التشجيع على الطلاق والانفصال، أو زرع الكراهية والبغضاء بين الطرفين.
وتحديدًا، فإن تخبيب الزوج على زوجته يشير إلى قيام طرف ثالث بإغواء أو إقناع الزوج بأن زوجته لا تصلح له، أو أنها تخونه، أو تحاول الإضرار به، فيدفعه ذلك إلى النفور منها أو الانفصال عنها. وقد يتم التخبيب من خلال صديق، أو قريبة، أو حتى عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي، وهو ما زاد من انتشار هذه الجريمة في الآونة الأخيرة. ولذلك يجب الحد منه عن طريق تطبيق عقوبة من خبب زوج على زوجته.
وقد نهى الإسلام عن التخبيب، وجاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال:
“ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبداً على سيده” – رواه أبو داود.
يمكنك التعرف أيضا على: النفقة الماضية للأبناء
عقوبة من خبب زوج على زوجته
تُعد عقوبة من خبب زوج على زوجته في النظام السعودي من العقوبات التعزيرية، أي أن تقديرها يرجع إلى القاضي بحسب جسامة الفعل ونتائجه.
لم يرد نص نظامي محدد يعاقب التخبيب في قانون العقوبات السعودي، لكن القضاء السعودي يستند في ذلك إلى القواعد العامة في الشريعة الإسلامية والمبادئ القضائية المستقرة.
عقوبات من خبب زوج على زوجته المحتملة
- السجن: قد تصل عقوبة من خبب زوج على زوجته إلى السجن مدة تتراوح بين بضعة أشهر وقد تمتد إلى سنتين، بحسب ملابسات القضية وتأثير الفعل على استقرار الأسرة.
- الغرامة المالية: يُلزم المخالف بدفع غرامة مالية لصالح المتضرر أو لصالح الدولة، وقد تصل في بعض الحالات إلى عشرات الآلاف من الريالات.
- التعويض المدني: يجوز للمتضرر أن يطالب بتعويض مالي عن الضرر النفسي أو المادي الذي لحق به نتيجة التخبيب، ويتم تقدير هذا التعويض حسب رؤية المحكمة للضرر.
- التشهير: في بعض الحالات الجسيمة التي تؤثر في المجتمع، قد تقرر المحكمة نشر اسم الفاعل وصورته في وسائل الإعلام بعد صدور الحكم النهائي.
- الإبعاد والترحيل (في حال كان المخَبِّب من غير السعوديين): يتم ترحيل الجاني بعد تنفيذ العقوبة، ومنعه من دخول المملكة مجددًا.
وقد صدر في عام 2018 حكم شهير قضى بتغريم سيدة مبلغ 50 ألف ريال بعد أن ثبت أنها خببت زوجًا على زوجته من خلال محادثات على تطبيق “واتساب”، حيث تم تقديم المحادثات كدليل للمحكمة، وهو ما أكد أن عقوبة من خبب زوج على زوجته ليست مجرد إجراء شكلي بل عقوبة حقيقية نافذة لحماية الأسرة.
هل التخبيب من الكبائر
يُعتبر التخبيب من الذنوب العظيمة التي نهى عنها الشرع الشريف، لما له من آثار مدمرة على كيان الأسرة، ويذهب كثير من العلماء إلى اعتباره من الكبائر، استنادًا إلى الحديث النبوي الذي صنّف من يقوم بالتخبيب بأنه “ليس منا”، وهو تعبير شديد يدل على خروجه عن منهج الإسلام القويم.
وإذا كان الإسلام قد أمر بالإصلاح بين المتخاصمين، فكيف يكون حال من يفسد العلاقة الزوجية بين رجل وامرأته؟ لذا فالمخَبِّب لا يؤذي فقط الزوجين، بل يعبث بمصير أطفالهم ومستقبلهم، وهو بذلك يتسبب بضرر مجتمعي جسيم.
وفي ضوء ذلك، لا تقتصر عقوبة من خبب زوج على زوجته على الجزاء القانوني، بل يتعرض أيضًا لعقوبة شرعية وأخلاقية أمام الله سبحانه وتعالى، وقد يُحرم من بركة الحياة والستر بسبب فعله.
ولذلك، على كل فرد أن يعي خطورة التخبيب من الناحية الشرعية والاجتماعية والقانونية، وأن يتحمل مسؤولية أقواله وأفعاله تجاه الآخرين. كما أن من حق كل متضرر اللجوء إلى القضاء للمطالبة بحقه، ومحاسبة من تسبب له في الأذى، وفق ما يقره الشرع والنظام.
شروط رفع قضية تخبيب
في النظام السعودي، يمكن للزوجة المتضررة من التخبيب أو الزوج المتضرر أن يرفع دعوى أمام المحكمة المختصة لتطبيق عقوبة من خبب زوج على زوجته، بشرط توافر الشروط التالية:
- توفر الأدلة
- ينبغي إثبات واقعة التخبيب من خلال:
- رسائل إلكترونية أو نصية.
- تسجيلات صوتية أو فيديوهات.
- شهادات شهود عيان.
- تقارير فنية (في حال استخدام برامج أو تطبيقات
- وجود ضرر فعلي
- يجب إثبات أن التخبيب أدى إلى وقوع ضرر، مثل:
- الطلاق أو الانفصال.
- النفور الشديد بين الزوجين.
- تأثر الأطفال أو الأسرة.
- حدوث اضطرابات نفسية للمتضرر.
- أن يكون التخبيب عمديًاء
- أي أن الفاعل تعمد الإفساد ولم يكن تصرفه بحسن نية أو مجرد رأي.
- أن تكون العلاقة الزوجية قائمة
- غالبًا ما تُرفض دعاوى التخبيب إذا كانت العلاقة الزوجية منتهية قبل التخبيب.
- تقديم الدعوى خلال مدة معقولة
رغم عدم وجود مدة محددة قانونًا، إلا أن المحاكم تنظر بعين الاعتبار إلى توقيت الدعوى. لذا يُفضل رفعها خلال فترة قصيرة بعد وقوع الضرر. بناءً على ما سبق، يجب التوجه إلى محامٍ مختص لرفع القضية بصيغة قانونية مناسبة، مع تقديم كافة الأدلة الموثقة لدعم الادعاء.
يمكنك التعرف أيضا على: دعوى اسقاط حضانة لزواج الام
ختاما، إن عقوبة من خبب زوج على زوجته في النظام السعودي تشكل ردعًا لكل من تسول له نفسه المساس بحرمة العلاقة الزوجية أو السعي لإفسادها.
وقد أولى النظام القضائي السعودي أهمية بالغة لحماية الأسرة، باعتبارها نواة المجتمع. ولهذا، فإن كل تدخل خارجي يهدف إلى إفساد العلاقة بين الزوجين يُعد انتهاكًا خطيرًا للخصوصية واستقرار الأسرة، ويستوجب العقوبة الرادعة.
أسئلة شائعة
كيف يتم إثبات التخبيب بين الزوجين؟
يتم إثبات التخبيب من خلال تقديم أدلة واضحة وقانونية تثبت تدخل طرف ثالث في العلاقة الزوجية بهدف الإفساد أو التحريض، ومن أهم وسائل الإثبات:
- الرسائل النصية أو الإلكترونية عبر تطبيقات مثل “واتساب” أو “تليغرام”.
- التسجيلات الصوتية أو المصورة التي تتضمن تحريضًا صريحًا.
- شهادات الشهود الذين شهدوا الواقعة أو كانوا على علم بتفاصيل التخبيب.
- تحليل الأجهزة الإلكترونية بإذن المحكمة لكشف المحادثات أو البيانات.
- اعتراف المخَبِّب أمام المحكمة أو في التحقيق.
إثبات التخبيب لا يكون بالأقاويل أو الشكوك فقط، بل يجب أن يكون مقرونًا بأدلة مادية موثوقة.
ما هي العوامل التي تؤثر في تحديد العقوبة؟
تختلف عقوبة من خبب زوج على زوجته بحسب عدة عوامل، من أبرزها:ء
- الضرر الناتج عن التخبيب (طلاق، عنف أسري، اضطرابات نفسية).
- نية الفاعل وهل كان التعمد ظاهرًا في تصرفاته.
- وسيلة التخبيب: التخبيب المباشر يُعد أشد من غير المباشر.
- مدى تأثير التخبيب على الأطفال أو الطرف الآخر.
- وجود سوابق جنائية للمخَبِّب.
- تجاوب الفاعل مع الدعوى واعترافه أو إنكاره.
تُراعى كل هذه العناصر عند إصدار الحكم، إذ يمنح القاضي سلطة تقديرية في تحديد العقوبة ضمن نطاق العقوبات التعزيرية.
هل هناك فرق في العقوبة بين التخبيب والتحريض؟
نعم، يوجد فرق دقيق بين التخبيب والتحريض من حيث المعنى والسياق القانوني، حيث أن:
- التخبيب: هو الإفساد داخل العلاقة الزوجية، ويُعد جريمة اجتماعية تمس الأسرة بشكل مباشر.
- التحريض: مفهوم أوسع، يشمل تشجيع أي شخص على ارتكاب فعل مخالف للقانون، سواء كان ضد الزوجة أو أي طرف آخر.
أما من حيث العقوبة، فالتخبيب يُعامل كجريمة قائمة بذاتها تستند إلى تخريب العلاقة الزوجية، بينما التحريض قد يُنظر له كعامل إضافي إذا أدى إلى فعل إجرامي، مثل العنف أو القذف. وفي بعض الحالات، قد تجتمع الجريمتان ويُحاكم الفاعل على كل واحدة منهما وفقًا لأثر كل فعل.
هل يحق للمتضرر المطالبة بتعويض مالي؟ء
نعم، يحق للزوج أو الزوجة المتضررين من التخبيب أن يطالبوا أمام المحكمة بـ تعويض مالي عن الضرر النفسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي الذي لحق بهم نتيجة هذا الفعل.
- يُقدّر هذا التعويض من قبل المحكمة بناءً على:
- مستوى الضرر الفعلي.
- حجم التدخل والتخريب في العلاقة الزوجية.
- الأدلة المقدمة لإثبات التخبيب والضرر.
- السوابق القضائية المماثلة.
وقد شهدت المحاكم السعودية بالفعل العديد من القضايا التي تم فيها إلزام المخَبِّب بدفع تعويضات مالية، مثل الحكم بتغريم سيدة 50 ألف ريال بسبب تسببها في انهيار العلاقة الزوجية لأخرى، مما يؤكد أن التعويض حق مشروع.
نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.
المصادر: