الإجراءات الجزائية

تعرف علي ماهي العقوبة التعزيرية​ في القانون السعودي

عند الحديث عن العدالة الجنائية في المملكة العربية السعودية، يظهر مفهوم العقوبة التعزيرية كأحد الركائز الأساسية في النظام القضائي الإسلامي المطبق في البلاد. ويأتي هذا النوع من العقوبات ضمن التصنيف الثلاثي للحدود، والقصاص، والتعزير.

لكن ماهي العقوبة التعزيرية؟ وما هي تطبيقاتها، خصوصًا في قضايا مثل المخدرات؟ وما الفرق بينها وبين القصاص والقتل تعزيراً؟

في هذا المقال، نسلط الضوء بشكل موسع على كافة جوانب العقوبة التعزيرية في النظام السعودي.

ماهي العقوبة التعزيرية​

العقوبة التعزيرية هي عقوبة غير مقدرة شرعًا، يفرضها الحاكم أو القاضي بناءً على تقديره الشخصي بما يراه محققًا للمصلحة العامة، في الجرائم التي لا حدّ فيها ولا قصاص. وهي جزء من الشريعة الإسلامية، وتعتمد على اجتهاد القاضي الذي يوازن بين الفعل المرتكب ومصلحة المجتمع وردع الجريمة.

عند الإجابة على سؤال ماهي العقوبة التعزيرية؟ من منظور القانون السعودي، نجد أنها تشمل نطاقًا واسعًا من العقوبات التي تتدرج بين النصح والتوبيخ والسجن، إلى الغرامة، أو الجلد، أو حتى القتل في بعض الحالات الاستثنائية.

كما تطبق العقوبة التعزيرية في الجرائم التي لم يحدد الشرع لها حدًا معينًا، مثل السرقة البسيطة، أو الاحتيال، أو الإيذاء، أو التجسس، أو حتى التعاطي والتهريب في قضايا المخدرات.

يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة الشذوذ في السعودية

أهمية العقوبة التعزيرية

تكمن أهمية العقوبة التعزيرية في مرونتها، إذ تتيح للقاضي أن يتخذ العقوبة المناسبة بحسب الظروف المحيطة بالقضية، حالة المتهم، وخطورة الجريمة على الفرد والمجتمع. ويعتبر هذا النوع من العقوبات سلاحًا فعالًا في يد السلطة القضائية لردع الجريمة والحفاظ على النظام العام.

ماهي العقوبة التعزيرية في المخدرات

تُعد قضايا المخدرات من أخطر الجرائم التي تواجه المجتمعات، وقد أولى النظام السعودي اهتمامًا بالغًا لمكافحتها، وفرض أشد العقوبات عليها. وتندرج معظم جرائم المخدرات تحت بند العقوبات التعزيرية، باستثناء بعض الحالات التي تستوجب القتل حدًا إذا اقترنت بجرائم أخرى أو تكررت.

عند الحديث عن ماهي العقوبة التعزيرية في المخدرات، يجب التفريق بين نوع الجريمة من حيث الاتي:

تعاطي المخدرات لأول مرة

عادة ما تكون العقوبة في هذه الحالة تعزيرية مخففة مثل السجن لعدة أشهر، الجلد، مع إخضاع المتهم للعلاج والرعاية الاجتماعية.

حيازة المخدرات بقصد التعاطي أو الترويج

العقوبة التعزيرية هنا تكون أشد، وقد تشمل السجن من عدة سنوات إلى أكثر من 10 سنوات، مع الجلد والغرامة المالية.

تهريب المخدرات أو ترويجها المنظم

في هذه الحالة، قد تصل العقوبة التعزيرية إلى القتل تعزيرًا، خاصة إذا كانت الجريمة منظمة أو تكررت، أو ثبت ارتباطها بعصابات دولية، نظرًا لما تمثله من خطر على أمن الدولة.

ويجدر بالذكر أن تكرار الجريمة أو وجود سوابق جنائية يزيد من شدة العقوبة التعزيرية، حيث تأخذ المحكمة ذلك في الاعتبار لتشديد العقوبة، وردع المجرم والمجتمع.

أنواع التعزير

يتنوع التعزير بحسب نوع الجريمة وخطورتها وظروفها، وهناك عدة أنواع تُصنّف بحسب وسيلة العقوبة المستخدمة، وهي كما يلي:

التعزير البدني

ويشمل الجلد، وهو من أشهر أنواع العقوبات التعزيرية في السعودية. يحدد القاضي عدد الجلدات بناءً على الجريمة، وقد يصل إلى مئات الجلدات في بعض القضايا.

التعزير المالي

ويشمل الغرامات المالية، أو مصادرة الأموال والممتلكات المستخدمة أو الناتجة عن الجريمة.

التعزير السالب للحرية

مثل السجن أو الإقامة الجبرية، ويستخدم في العديد من القضايا خاصة التي تتعلق بالمخدرات أو الجرائم الاقتصادية.

التوبيخ أو النصح

وهي من أنواع التعزير البسيطة التي يُلجأ إليها في حال كانت الجريمة خفيفة أو في حال وجود عوامل تخفيفية كصغر السن أو الندم.

القتل تعزيرًا

يُعد من أقصى العقوبات التعزيرية، ويُطبق في الجرائم الجسيمة مثل تهريب المخدرات، أو الخيانة العظمى، أو القتل مع وجود ظروف مشددة.

ومن خلال هذه الأنواع، نجد أن نظام التعزير في السعودية يتميز بالمرونة، مما يتيح للقضاة المجال لتقدير المصلحة العامة وتحقيق العدالة.

حكم التعزير بالسجن

يُعد السجن أحد أبرز العقوبات التعزيرية التي تلجأ إليها المحاكم السعودية. وتختلف مدد السجن بحسب نوع الجريمة وظروفها، وتتراوح من أيام معدودة إلى عقوبات طويلة قد تصل إلى ثلاثين عامًا أو أكثر.

في سياق الإجابة على ماهي العقوبة التعزيرية، نجد أن السجن يُستخدم كثيرًا في القضايا التالية:

  1. قضايا التحرش والاعتداء اللفظي أو الجسدي.
  2. قضايا الاحتيال المالي والرشوة.
  3. قضايا تعاطي وترويج المخدرات.
  4. قضايا التجمهر أو التحريض على الفتنة.

ويتميز حكم التعزير بالسجن بإمكانية تعليقه أو تخفيفه أو حتى العفو عنه بناءً على سلوك الجاني أو ما يراه القاضي من معطيات، كما يمكن أن يقترن بإجراءات أخرى مثل الجلد أو الغرامة.

الفرق بين القتل تعزيراً والقصاص

من أبرز الأسئلة التي تُطرح في المجال القضائي: ما الفرق بين القتل تعزيرًا والقصاص؟ وللإجابة على ذلك، يجب توضيح المقصود بكل من المصطلحين:

المقصود بمصطلح القصاص

هو عقوبة شرعية محددة تُفرض على الجاني إذا قتل شخصًا عمدًا، ويكون الحكم بالقصاص (القتل) استجابة لطلب أولياء الدم. ويُعد من الحدود الثابتة في الشريعة الإسلامية، لا دخل فيه لتقدير القاضي إلا في بعض التفصيلات الإجرائية.

يمكنك التعرف أيضا على: عقوبة اللواط بالسعودية

المقصود بمصطلح القتل تعزيرًا

هو حكم يصدره القاضي في الجرائم التي لا حد فيها، لكنه يرى أن المتهم يستحق القتل لما يشكله من خطر كبير على المجتمع، مثل حالات تهريب المخدرات المتكررة، أو الخيانة العظمى، أو الاغتصاب مع عنف شديد.

الفرق الجوهري يكمن في أن القصاص حق لأولياء الدم ويمكنهم العفو عن القاتل، بينما القتل تعزيرًا هو حق للمجتمع والدولة، ولا يمكن التنازل عنه من قبل أفراد.

كما أن القصاص لا ينفذ إلا بإثبات الجريمة بما لا يدع مجالاً للشك، بينما القتل تعزيرًا يخضع لاجتهاد القاضي بناء على الأدلة والقرائن.

ماهي العقوبة التعزيرية

 

ختاما، يُعد نظام التعزير في السعودية من الأنظمة القائمة على الشريعة الإسلامية، ويمنح القضاة مساحة مرنة لتحقيق العدالة، ومعالجة الجرائم التي لا نص فيها، وفق ضوابط صارمة تحرص على حماية المجتمع ومصالحه.

ويظل السؤال ماهي العقوبة التعزيرية من الأسئلة الجوهرية لفهم بنية القضاء السعودي، وكيفية تفاعله مع المتغيرات المجتمعية في إطار منضبط شرعًا وقانونًا.

أسئلة شائعة

ما هي المعايير التي يستند إليها القاضي عند تحديد العقوبة؟

يعتمد القاضي في تحديد ماهي العقوبة التعزيرية على مجموعة من المعايير المتكاملة، من أبرزها:

  • سلوك الجاني بعد ارتكاب الجريمة، مثل الندم، محاولة إصلاح الضرر، أو التعاون مع السلطات.
  • السوابق الجنائية: وجود سجل سابق للجاني قد يؤدي إلى تشديد العقوبة.
  • خطورة الفعل الإجرامي وأثره على الأمن العام أو النظام العام.
  • البيئة الاجتماعية للجاني: قد تؤخذ بعين الاعتبار كعامل مساعد في تقدير نوايا الجاني أو ظروفه.
  • القصد الجنائي: أي مدى توفر النية والتخطيط لارتكاب الفعل.

كل هذه المعايير لا تخضع لقالب ثابت، بل تخضع لاجتهاد القاضي ضمن إطار الشريعة والنظام القضائي المعتمد في السعودية.

هل يمكن تقليل العقوبة التعزيرية؟

نعم، يمكن تقليل العقوبة التعزيرية بناءً على عدة عوامل، أبرزها:

  • وجود أسباب مخففة مثل صغر السن، أو ارتكاب الجريمة تحت ضغط نفسي أو اجتماعي.
  • اعتراف الجاني الصريح قبل وجود أدلة دامغة.
  • طلب العفو من الجهات العليا، والذي يُنظر فيه حسب نوع الجريمة وملف المتهم.
  • إصلاح المتهم لنفسه أثناء توقيفه، أو تقديمه ما يدل على توبته، مثل الالتحاق ببرامج تأهيلية أو دينية.

يمنح هذا الجانب النظام القضائي مرونة لتقدير الحالة بشكل فردي وعادل، بما يتناسب مع خصوصية كل واقعة.

متى تسقط العقوبة التعزيرية؟

تسقط العقوبة التعزيرية في عدة حالات، تختلف عن العقوبات الحدّية أو القصاص، وأهمها:

  • العفو الملكي الذي يصدر في مناسبات وطنية أو دينية، ويشمل فئات معينة من المحكومين.
  • التقادم في بعض الحالات، أي مرور فترة زمنية طويلة على الجريمة دون محاكمة أو تنفيذ، ويُطبّق بشروط تحددها اللوائح القضائية.
  • وفاة المحكوم عليه قبل تنفيذ الحكم.
  • إلغاء الحكم أو تبرئة المتهم عند إعادة النظر في القضية بناءً على معطيات جديدة.

ولكن تجدر الإشارة إلى أن سقوط العقوبة لا يعني بالضرورة زوال الأثر المدني أو الاجتماعي للجريمة، بل يقتصر فقط على التنفيذ القضائي لها.

 

نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.

المصادر:

نظام الإجراءات الجزائية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى