هل يجوز التصالح في جريمة التحرش وما الحالات المستثناة؟
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش؟ سؤال يطرح نفسه بقوة في ظل تزايد قضايا التحرش والوعي المجتمعي بحقوق الضحايا، ومع التطورات المستمرة في الأنظمة القانونية السعودية التي تهدف إلى حماية الكرامة الإنسانية والحفاظ على الأمن الاجتماعي.
ويُعد نظام مكافحة التحرش الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/96) لعام 1439هـ أحد أهم الأنظمة التي وضعت إطارًا صارمًا لمعاقبة المتحرشين ومنع إساءة استعمال التصالح أو التنازل بما يخل بحقوق الضحايا أو يشجع على تكرار الجريمة.
هذا المقال سيستعرض بشكل قانوني موسع ومبسط: هل يجوز التصالح في جريمة التحرش وفق النظام السعودي؟ وما الحالات التي يمكن فيها التصالح؟ الحالات المستثناة التي يُمنع فيها التصالح حماية للضحية والمجتمع، كيف تثبت جريمة التحرش الإلكتروني والأدلة المعتمدة نظامًا أمام القضاء، أركان جريمة التحرش وفق النصوص النظامية والتفسير القضائي.
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش
يُعد التساؤل حول هل يجوز التصالح في جريمة التحرش من أكثر الأسئلة القانونية شيوعًا لدى المتضررين والمتهمين على حد سواء، خصوصًا بعد التشديدات القانونية التي فرضها نظام مكافحة التحرش السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/96) لعام 1439هـ.
ويُصنّف التحرش كجريمة تمس كرامة الفرد وأمن المجتمع، مما يستدعي أحكامًا دقيقة فيما يتعلق بحق الصلح أو التنازل.
يمكنك التعرف أيضا على: التعويض المادي عن الضرر النفسي والمعنوي
الجرائم التي يجوز فيها التصالح
يجوز التصالح في بعض حالات التحرش وفق تقدير الجهات القضائية، وذلك عندما يكون الفعل:
- بسيطًا وغير متكرر ولا يحمل تهديدًا أو أذى جسيمًا للضحية أو للمجتمع.
- قائمًا على التفاهم والاعتذار والتسوية بين الطرفين دون ضغط أو إكراه.
- بموافقة صريحة من المجني عليه، وتوثيقه أمام جهة معتمدة مثل النيابة العامة أو المحكمة المختصة.
- مع مراعاة حق الدولة في الاستمرار بالدعوى إذا رأت أن الواقعة تستدعي حماية المصلحة العامة.
الجرائم المستثناة من التصالح
لا يقبل الصلح في الحالات التالية، وفق السياسة الجنائية لحماية الأمن المجتمعي:
- وقوع التحرش مصحوبًا بتهديد، أو ابتزاز، أو عنف جسدي، أو نفسي.
- إذا كان الضحية قاصرًا أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الفئات الضعيفة.
- حالات التحرش التي ترتكب بشكل متكرر أو منظم.
- الجرائم التي ترى فيها النيابة العامة أنها تمس النظام العام وتتطلب إقامة الدعوى العامة دون اعتبار للتنازل الشخصي.
إن معرفة هل يجوز التصالح في جريمة التحرش ضرورية لفهم الخيارات القانونية المتاحة لكل طرف، إذ إن بعض الحالات يمكن تسويتها قانونيًا، بينما تُعد حالات أخرى من الجرائم المشددة التي لا يجوز التصالح فيها حفاظًا على أمن المجتمع وحقوق الضحايا.
أركان جريمة التحرش
تقوم جريمة التحرش وفقًا لنظام مكافحة التحرش السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/96) لعام 1439هـ على ثلاثة أركان أساسية لا بد من توافرها معًا حتى تُعد الواقعة جريمة مكتملة تستوجب المحاسبة قانونيًا.
تحديد هذه الأركان يساعد القاضي والنيابة العامة في تقييم مسألة هل يجوز التصالح في جريمة التحرش من عدمها، لأن غياب أحد الأركان قد يجعل التصالح ممكنًا أو يغير توصيف الجريمة.
أولاً: الركن المادي
هو السلوك الفعلي الصادر عن الجاني، ويشمل:
- الأقوال الخادشة أو المسيئة
- الإيحاءات الجنسية بأي وسيلة
- الإرسال المتكرر لرسائل غير مرغوب فيها
- الأفعال أو الإشارات ذات الطابع الجنسي
- التلميحات أو الطلبات ذات الطبيعة الجنسية
وكل هذه السلوكيات إذا ارتُكبت بقصد جنسي تُكمل الركن المادي للجريمة، وعند التحقق من هذا الركن تصبح مسألة هل يجوز التصالح في جريمة التحرش أكثر حساسية، لأن النص النظامي شدّد على تجريم السلوك بغض النظر عن وسيلته إن كان يؤدي إلى إيذاء المجني عليه نفسيًا أو اجتماعيًا أو مهنيًا.
ثانيًا: الركن المعنوي (القصد الجنائي)
يشترط القانون وجود نية واضحة وراء فعل التحرش، أي أن يكون المتهم:
- قاصداً توجيه محتوى أو فعل ذي طبيعة جنسية
- عالماً بأن سلوكه غير مقبول ويمس كرامة أو خصوصية المجني عليه
فإذا أثبتت الأدلة القصد الجنسي، يصبح التساؤل حول هل يجوز التصالح في جريمة التحرش مرتبطًا بمدى جسامة الفعل وظروفه، إذ إن بعض الحالات التي تتضمن قصدًا واضحًا أو تكرارًا أو استغلال سلطة قد تُصنف ضمن الحالات التي لا يجوز فيها التصالح.
ثالثًا: ركن المجني عليه (وجود ضرر أو تهديد به)
لا تتحقق الجريمة إلا إذا كان الفعل قد أحدث ضررًا فعليًا أو محتملًا بالمجني عليه، سواء كان:
- ضرر نفسيًا (خوف، قلق، اضطراب)
- ضرر اجتماعي (سمعة، علاقات)
- ضرر وظيفي (تهديد وظيفة، استغلال سلطة)
هذا الركن هو الذي يفصل بين الإساءة العامة والسلوك الجنسي المجرّم، فكلما كان الضرر واضحًا وموثقًا تقل إمكانية الإجابة بنعم على سؤال هل يجوز التصالح في جريمة التحرش لأن النظام شدد على حماية الضحية ومنع أي ضغط يؤدي إلى إسقاط الحق العام في الجرائم الجسيمة.
الترابط بين الأركان ومسألة التصالح
إن دراسة هذه الأركان مجتمعة هي التي تحدد ما إذا كانت الواقعة:
- من الجرائم البسيطة التي قد يسمح فيها بالتصالح وفق تقدير النيابة والقضاء
- أو من الجرائم الخطيرة التي تمس النظام العام أو تتضمن استغلال سلطة أو قاصر، وهي حالات لا يجوز فيها التصالح
ولذلك فإن الإجابة على سؤال هل يجوز التصالح في جريمة التحرش ليست مجرد رأي عام، بل مرتبطة بتحقق الأركان وتكييف الواقعة قانونيًا.
كيف تثبت جريمة التحرش الإلكتروني
إثبات التحرش الإلكتروني يتطلب منهجًا دقيقًا لأن الأدلة الرقمية هي محور قرار القاضي عند البت في سؤال هل يجوز التصالح في جريمة التحرش أو لا، كلما كانت الأدلة أوثق، ازدادت فرص الفصل فيما إذا كانت الواقعة تصلح للصلح أم تستوجب متابعة جنائية.
فيما يلي خطوات عملية وقانونية مثبتة:
1. حفظ كل الرسائل والمواد الرقمية دون تعديل
- احتفظ بنسخ من الرسائل النصية، التسجيلات الصوتية/الفيديو، الصور، والمنشورات مع التاريخ والوقت.
- عدم العبث بالمحادثات مهم لأن أي تعديل يضعف الدليل أمام النيابة والقضاء عند بحثهم في مسألة هل يجوز التصالح في جريمة التحرش.
2. تصوير لقطات شاشة موثّقة مع بيانات التوقيت
- التقط صور شاشة (Screenshots) تظهر اسم المرسل، النص، وتاريخ/وقت الإرسال.
- هذه اللقطات تدعم ملف الأدلة الرقمية وتُعرض أمام جهات التحقيق عند النظر في إمكانية قبول الصلح أو رفضه.
3. استخدام شهادات خبراء تقنية المعلومات
- في القضايا المعقدة يُطلب تقرير فني يربط المحتوى بالحساب أو الجهاز، مما يقوّي دعوى المجني عليه ويُساعد القاضي على تقرير إن كانت الواقعة من النوع الذي تسمح فيه الدولة بالتصالح أم لا.
4. الاحتفاظ بنسخ أصلية وطلب توثيق قضائي
- عند تقديم البلاغ للنيابة العامة أو الشرطة، قد يُطلب منك تقديم النسخ الأصلية أو توثيق إلكتروني رسمي.
- هذا الإجراء يحسن موقفك عند النظر في سؤال هل يجوز التصالح في جريمة التحرش لأن النيابة تستند إلى أدلة موثقة لاتخاذ قرارها.
5. الإبلاغ الفوري وتسجيل البلاغ رسميًا
- قد يؤثر توقيت البلاغ على مسار القضية؛ البلاغ المبكر يُسهل ربط الأدلة بالمتهم ويُعين النيابة على تقييم ما إذا كانت الواقعة قابلة للتصالح أو أنها تستلزم دعوى عامة لحماية الأمن العام.
6. جمع شهود أو أدلة مساندة
- إذا وُجدت شهود أو دلائل إضافية (مثل محادثات مماثلة أرسلها المتهم لغير الضحية)، فهذه تُقوّي ملف الإثبات وتقضي على محاولات المتهم للضغط من أجل الصلح في قضايا لا يجوز فيها التصالح.
7. الامتثال لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ونظام مكافحة التحرش
- الأدلة الرقمية تُعامل وفق أحكام نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ونظام مكافحة التحرش؛ وفهم هذين الإطارين القانونيين يساعد الضحية والمحامي على تجهيز الأدلة بالشكل الذي يجيب عمليًا على سؤال هل يجوز التصالح في جريمة التحرش أم لا.
جمع الأدلة الرقمية وتوثيقها باحترافية هو الذي يبيّن للقاضي ما إذا كانت الواقعة ضمن الحالات التي يجوز فيها التصالح، أم أنها من الجرائم المستثناة.
نصائح قانونية مهمة للتعامل مع قضايا التحرش
التعامل مع قضايا التحرش يتطلب وعيًا قانونيًا دقيقًا لضمان الحقوق وعدم الوقوع في أخطاء قد تؤثر على موقف الأطراف أمام جهات التحقيق وهل يجوز التصالح في جريمة التحرش.
وإليك مجموعة نصائح عملية تساعد الضحايا أو المتهمين على فهم الإجراءات والمسار القانوني:
1. لا تتردد في الإبلاغ فورًا
البلاغ المبكر يزيد قوة الأدلة ويسهل على النيابة العامة إثبات الواقعة، خصوصًا في الحالات التي تعتمد على الرسائل أو التسجيلات أو الشهود.
2. احتفظ بكل الأدلة مهما كانت بسيطة
قد تشمل الأدلة:
- رسائل نصية أو محادثات عبر تطبيقات التواصل
- تسجيلات كاميرات مراقبة
- شهادات زملاء أو شهود الحدث
الإفراط في الحذف بدافع الخوف أكبر خطأ يقع فيه الضحايا.
3. لا تتواصل مباشرة مع الطرف الآخر
التفاوض الشخصي أو محاولة الحل الودي قد يُستخدم لاحقًا كدليل ضدك أو يُعتبر ضغطًا على المجني عليه، التعامل يجب أن يتم عبر جهات رسمية فقط.
4. استشارة محامي مختص قبل اتخاذ أي خطوة
كل حالة تختلف عن الأخرى، وقد يؤدي اتخاذ قرار سريع أو عاطفي إلى نتائج قانونية خطيرة، خاصة في القضايا التي لا يعرف فيها الطرف أن كانت هل يجوز التصالح في جريمة التحرش أم لا.
5. لا توقع على أي ورقة بدون قراءة قانونية
بعض المتهمين أو الضحايا قد يتعرضون لضغوط للتنازل أو الاعتراف، أي ورقة توقعها قد تُغيّر مجرى القضية بالكامل.
6. التوثيق الطبي أو النفسي مهم في حالات الضرر
إذا نتج عن التحرش ضرر نفسي أو جسدي، فإن التقارير الطبية أو النفسية تُعد مستندات قوية تعزز موقف المجني عليه.
7. لا تتجاهل البلاغ اعتقادًا بأنه سينسى مع الوقت
ترك القضية بلا متابعة قد يؤدي إلى إغلاقها أو سقوطها قانونيًا، مما يضيع الحقوق.
8. في بيئات العمل: استخدم القنوات الرسمية
التصعيد الصحيح يبدأ بتقديم شكوى لإدارة الموارد البشرية ثم الرفع رسميًا إذا لم يتم اتخاذ إجراء مناسب.
9. كن صريحًا وواثقًا عند التحقيق
التردد والتناقض يضعف الموقف القانوني، سواء كنت ضحية أو متهمًا. الحقيقة هي أقوى دفاع.
10. احترام سرية التحقيق
القانون السعودي يحمي خصوصية الطرفين، ونشر المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي قد يعد جريمة مستقلة.
يمكنك التعرف أيضا على: نظام رد الاعتبار في السعودية

ختاما، يمكن القول إن فهم الإجابة على سؤال هل يجوز التصالح في جريمة التحرش يمثل جانبًا مهمًا لحماية الحقوق وإدارة القضايا القانونية المتعلقة بهذا النوع من الجرائم الحساسة، فالتصالح في مثل هذه القضايا ليس حقًا مطلقًا، بل يخضع لضوابط صارمة توازن بين حماية المجتمع وضمان العدالة للضحية والمتهم.
كما أن الحالات المستثناة التي لا يسمح فيها بالتصالح توضح مدى جدية النظام السعودي في مواجهة هذا السلوك، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالقاصرين أو جرائم التحرش المصحوبة بعنف أو تهديد أو استغلال للسلطة.
إذا كنت طرفًا في قضية تحرش، أو ترغب في استشارة قانونية دقيقة حول هل يجوز التصالح في جريمة التحرش أو كيفية إثبات أو الدفاع في مثل هذه القضايا، فإن الخيار الأفضل هو الاستعانة بمحامٍ متخصص في القضايا الجنائية لضمان اتباع الإجراءات النظامية وتقديم المستندات القانونية بالشكل الصحيح.
يسعدنا استقبال استفساراتكم عبر الهاتف أو الواتساب أو من خلال موقعنا الإلكتروني، للحصول على دعم قانوني احترافي مبني على أحدث الأنظمة والمواد القانونية السعودية.
أسئلة شائعة
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش إذا تم التنازل بعد صدور الحكم؟
نعم، قد يسمح النظام السعودي بإنهاء الدعوى في بعض الحالات إذا تم التنازل بعد الحكم النهائي بشرط موافقة الجهات القضائية المختصة، ولكن هذا لا ينطبق على الحالات المشددة التي تمس الأمن العام أو التي تتعلق بالقُصّر.
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش إذا لم تكن هناك أدلة قوية؟
التصالح ليس بديلًا عن نقص الأدلة، وحتى في حال ضعف الأدلة يبقى قرار قبول أو رفض التصالح مرتبطًا بتقدير النيابة العامة وظروف الواقعة، ضعف الأدلة قد يؤدي للحفظ وليس للتصالح تلقائيًا.
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش في مكان العمل؟
يمكن ذلك في حالات التحرش اللفظي غير المتكرر، بشرط توثيق الصلح رسمياً عبر الجهات القانونية أو إدارة الموارد البشرية، وتطبيق الإجراءات التأديبية اللازمة على المتهم، لكن إذا تضمنت الواقعة تهديدًا أو استغلال سلطة وظيفية فلا يقبل التصالح عادة.
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش إذا اعتذر المتهم وتعهد بعدم التكرار؟
الاعتذار وحده لا يكفي، يجب وجود سند نظامي مكتوب، وتحديد شروط واضحة للصلح، وموافقة المجني عليه والجهة القضائية، خصوصًا لأن القضايا المتعلقة بكرامة الإنسان لا تعتمد فقط على الاعتذار.
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش إذا تم نشر الواقعة على وسائل التواصل؟
إذا أصبحت القضية قضية رأي عام أو أثرت على النظام العام، غالبًا لا توافق النيابة العامة على الصلح حتى مع تنازل المجني عليه، لأن مثل هذه القضايا ترتبط بسمعة المجتمع وحقه في الحماية.
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش على شكل تعويض مالي؟
يمكن أن يكون التعويض جزءًا من الصلح في الحالات البسيطة، لكنه لا يُعتبر سببًا كافيًا وحده لإنهاء الدعوى في الحالات المشددة، وإنما يتم التعامل معه كإجراء تكميلي بعد اعتماد الصلح قضائيًا.
هل يجوز التصالح في جريمة التحرش إذا كان المتهم حدثًا (قاصرًا)؟
قد يُسمح بالصلح وفق نظام الأحداث إذا كان الفعل غير جسيم ولم يتكرر، مع تطبيق برامج تأهيلية وإرشادية، ولكن يظل القرار النهائي للجهة القضائية المختصة.
نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.
المصادر




