تُعد مسألة هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة من أكثر الأسئلة القانونية شيوعًا في القضايا الأسرية داخل المملكة العربية السعودية، خصوصًا بعد صدور نظام الأحوال الشخصية السعودي لعام 2022 الذي نظّم مسائل الهبة والعطايا والرجوع فيها وفق ضوابط شرعية وقانونية دقيقة.
الهبة في الأصل تصرف تبرعي يُقصد به نقل ملكية مالٍ من شخص إلى آخر دون مقابل، وغالبًا ما تكون من الزوج لزوجته أو العكس بدافع المودة أو تحسين الوضع المعيشي للأسرة.
لكن ماذا لو أراد الزوج الرجوع في الهبة بعد وقوعها؟ وهل يُجيز النظام السعودي ذلك؟ وهل تختلف الأحكام إذا كانت الهبة للزوجة تحديدًا؟
في هذا المقال سنجيب بتفصيل قانوني وواقعي عن سؤال هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة، موضحين الشروط التي نصت عليها الأنظمة السعودية، والأحكام الفقهية التي استندت إليها، مع بيان الحالات التي يجوز فيها الرجوع في الهبة وتلك التي لا يجوز فيها ذلك، كما سنتطرق إلى مسألة هل الهبة ترجع للورثة بعد وفاة أحد الأطراف، لبيان الموقف النظامي والشرعي من هذا النوع من التصرفات.
هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة
يُعرّف نظام المعاملات المدنية السعودي في المادة (243) الهبة بأنها عقد يتم بإيجاب من الواهب وقبول من الموهوب له، وتتم بقبض الموهوب له للهبة.
وبذلك، تعد الهبة تصرفًا قانونيًا ناقلًا للملكية يتم برضا الطرفين ويكتمل بالقبض، ويُعامل النظام السعودي الهبة معاملة العقود الملزمة بعد تمامها.
يمكنك التعرف أيضا على: هل يرث إخوة الزوجة المتوفاة
الأصل في حكم الرجوع في الهبة للزوجة
عند التساؤل هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة بعد تمامها، فإن الأصل في النظام السعودي هو عدم جواز الرجوع في الهبة بعد قبضها، تأسيسًا على القاعدة الشرعية:
«لا يحل لرجل أن يعطي عطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده».
وهذه القاعدة أخذ بها القضاء السعودي واعتبرها مبدأ عامًا يحكم تصرفات الواهب، خاصةً في العلاقة الزوجية التي تقوم على المودة والاحترام، فلا يُسمح بالرجوع في الهبة إلا إذا وُجد سبب مشروع يبرره.
الحالات التي يجوز فيها الرجوع في الهبة
أجازت المادة (249) من نظام المعاملات المدنية السعودي الرجوع في الهبة في حالات محددة فقط، ومنها:
- عدم قبض الموهوب له للهبة بعد.
- اشتراط الواهب حق الرجوع في العقد صراحة.
- قبول الموهوب له الرجوع لاحقًا.
وفيما يتعلق بالسؤال هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة، فإن هذه الحالات لا تُطبّق إلا بشروط صارمة تضمن حماية الزوجة من التعسف، خاصةً إذا كانت الهبة جزءًا من النفقة أو العشرة الزوجية.
ضوابط الرجوع في الهبة للزوجة
النظام السعودي لم يمنع الرجوع في الهبة مطلقًا، لكنه وضع له ضوابط قانونية وأخلاقية، أهمها:
- أن يكون الرجوع لسبب مشروع، لا بقصد الإضرار أو الانتقام.
- أن يتم إثبات نية الرجوع أمام المحكمة المختصة.
- ألا تكون الهبة في مقابل واجب شرعي كالنفقة أو المسكن.
فإذا ثبت أن الهبة من الزوج لزوجته كانت تبرعًا خالصًا بدافع المودة، فإن الرجوع فيها لا يقبل شرعًا ولا نظامًا بعد تمام القبض.
موقف القضاء السعودي
تتجه المحاكم السعودية إلى رفض دعاوى الرجوع في الهبة بين الأزواج إلا في نطاق ضيق جدًا، حفاظًا على استقرار الحياة الزوجية ومنع النزاعات.
وقد أكدت السوابق القضائية أن مجرد الخلاف أو الطلاق لا يُعد مبررًا للرجوع في الهبة ما لم يُثبت الزوج أن الهبة كانت مشروطة أو معلقة على سبب لم يتحقق.
هل الهبة ترجع للورثه
عند الحديث عن هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة من منظور قانوني وشرعي، يجب توضيح أن الهبة التي تمت في حياة الواهب بعقد صحيح وموثق تُعد خارج التركة بعد وفاته، ولا يحق للورثة المطالبة بإلغائها أو استردادها.
فوفقًا للمادة (243) من نظام المعاملات المدنية السعودي، تبقى الهبة نافذة وسارية المفعول طالما استوفت شروطها الشرعية والقانونية من الإيجاب والقبول والقبض، ولا تُعاد إلى الورثة إلا إذا ثبت عدم تحقق هذه الشروط أو صدور حكم قضائي بخلاف ذلك.
متى تعود الهبة إلى التركة
قد تعود الهبة إلى التركة في حالات محددة نص عليها نظام المعاملات المدنية وفسرها القضاء السعودي، ومنها:
- إذا لم يتم قبض الهبة حتى وفاة الواهب.
- إذا كانت الهبة معلقة على شرط لم يتحقق.
- إذا تم الرجوع في الهبة قبل الوفاة بحكم قضائي نهائي.
وفي هذه الحالات، تُعد الهبة كأن لم تكن وتعود قيمتها إلى الورثة باعتبارها جزءًا من التركة الشرعية.
أثر الرجوع في الهبة على حقوق الورثة
عند البحث في مسألة هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة وتأثيرها على الورثة، نجد أن النظام السعودي ميّز بين الهبة المنجزة والهبة المعلقة.
- فإذا كانت الهبة منجزة ومقبوضة، لا يحق للورثة المطالبة بها بعد وفاة الواهب.
- أما إذا كانت الهبة لم تُقبض بعد أو كانت مشروطة بشرط لم يتحقق، فإنها لا تنفذ وتدخل في التركة تلقائيًا.
وبالتالي، فإن الهبة الموهوبة للزوجة تبقى في ملكيتها ما لم يثبت الورثة أن الزوج كان قد رجع فيها قبل وفاته أو أنها لم تُقبض أصلًا.
التفرقة بين الهبة والهبة المستترة (الوصية)
من المسائل التي يثيرها الورثة أحيانًا هو ادعاؤهم أن الهبة للزوجة كانت في حقيقتها وصية مستترة، أي أن الزوج وهبها شيئًا ليمنع الورثة من حقهم الشرعي.
لكن القضاء السعودي يتعامل بحذر مع هذا النوع من الادعاءات، ويشترط لإثبات أن الهبة وصية ما يلي:
- وجود نية من الواهب بتأجيل التمليك لما بعد وفاته.
- عدم قبض الموهوب له (الزوجة) للهبة في حياته.
فإذا ثبت أن الزوج سلّم الهبة لزوجته وقبضتها فعليًا، فلا يمكن اعتبارها وصية، بل هبة صحيحة لا يجوز الرجوع فيها ولا المطالبة بإلغائها من الورثة.
موقف الشريعة الإسلامية والنظام السعودي
يتفق الفقه الإسلامي والنظام السعودي في أن الهبة بعد قبضها تصبح ملكية تامة للموهوب له، ولا تعود للورثة إلا في حالات نادرة ومثبتة قانونيًا.
وهذا ينسجم مع ما ورد في المادة (250) من نظام المعاملات المدنية التي تنص على أن “الرجوع في الهبة لا يتم إلا برضا الموهوب له أو بحكم قضائي في الحالات التي يجيزها النظام”.
وعليه، فإن مسألة هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة لا تمتد إلى الورثة إلا إذا ثبت أن الرجوع قد تم قبل الوفاة أو أن عقد الهبة لم يُستكمل نظاميًا.
نصائح قانونية مهمة حول هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة
عند التعامل مع مسائل تتعلق بالهِبات بين الزوجين، وخاصة عند التساؤل حول هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة، من المهم فهم الأبعاد القانونية والشرعية التي قد تؤثر على صحة العقد ونتائجه.
فيما يلي أبرز النصائح القانونية التي تساعد على تجنب النزاعات المستقبلية وضمان توثيق الحقوق بشكل صحيح:
1. توثيق عقد الهبة رسميًا
يجب توثيق الهبة في كتابة موثقة لدى الجهة المختصة، إذ لا يُعتد بالهبة الشفهية في حال نشأ نزاع بين الطرفين، المادة (241) من نظام المعاملات المدنية السعودي تشترط أن يكون العقد واضحًا ومحدّدًا لضمان الحقوق.
2. القبض الفعلي للهبة شرط أساسي
لا يعتد بالهِبة شرعًا ولا قانونًا ما لم يتم القبض عليها من قِبل الزوجة، لأن القبض دليل الإتمام، وفي حالة عدم تحقق القبض، يجوز للواهب الرجوع قبل تمام العقد.
3. عدم منح الهبة بقصد حرمان الورثة
في حال ثبوت أن الواهب منح الهبة للزوجة بنية حرمان الورثة من حقوقهم، قد تُعد الهبة باطلة جزئيًا أو كليًا وفقًا للمادة (246) من النظام، مما يؤثر على هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة في هذه الحالة.
4. الاستشارة القانونية قبل الهبة أو الرجوع فيها
يُفضَّل استشارة محامٍ مختص في قضايا الأحوال الشخصية والعقود، لأن بعض حالات الرجوع في الهبة تُعتبر استثناءات تحتاج لتفسير دقيق من القضاء.
5. تجنّب الضغط أو الإكراه في منح الهبة
إذا ثبت أن الهبة أُعطيت تحت ضغط نفسي أو اجتماعي أو مالي، فيمكن الطعن في صحتها أمام المحكمة، وهذا يدخل ضمن الحالات التي يجوز فيها النظر في هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة وفق تقدير القاضي.
يمكنك التعرف أيضا على: هل يجوز الرجوع في الهبة قانونا؟
ختاما، يتضح أن مسألة هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة تخضع لضوابط دقيقة يوازن فيها النظام السعودي بين حماية نية الواهب في التبرع، وصون حقوق الموهوب لها بعد تمام العقد، فالقاعدة العامة تقضي بعدم جواز الرجوع في الهبة بعد تحقق أركانها الشرعية والقانونية إلا لسبب مشروع كالغش أو عدم تحقق القبض، وهو ما أكدته أحكام نظام المعاملات المدنية السعودي.
ولأن كل حالة تختلف في تفاصيلها من حيث ظروف الهبة وطبيعة العلاقة بين الزوجين وطريقة التوثيق، يُنصح دائمًا باستشارة محامٍ متخصص قبل اتخاذ أي إجراء قانوني لضمان سلامة الموقف وحماية الحقوق.
إذا كانت لديك استفسارات إضافية حول هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة أو أي من القضايا المتعلقة بعقود الهبة والميراث، يمكنك التواصل مع فريقنا القانوني عبر موقعنا الإلكتروني، وسنقدّم لك استشارة تفصيلية مبنية على النظام السعودي وأحدث تعديلاته.
أسئلة شائعة
هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة إذا كانت الهبة غير موثقة رسميًا؟
في حال كانت الهبة مجرد وعد شفهي أو لم يتم توثيقها رسميًا بعقد معتمد، يمكن للواهب المطالبة بإلغائها قبل تمام القبض، لأن النظام السعودي يشترط لإتمام الهبة التوثيق أو وجود دليل مادي على التسليم الفعلي.
وهذا يعني أن الرجوع في الهبة للزوجة في هذه الحالة ممكن قانونًا إذا لم تتحقق أركان العقد.
هل يمكن الرجوع في الهبة للزوجة في حال ثبوت الغش أو الاستغلال؟
نعم، إذا ثبت أن الهبة تمت نتيجة خداع أو استغلال لحالة الواهب أو جهله، فيجوز له الرجوع فيها استنادًا إلى قواعد العدالة العامة ومبادئ حماية الإرادة الحرة المنصوص عليها في نظام المعاملات المدنية، وذلك دون الإخلال بحقوق الطرف الآخر إن كان حسن النية.
هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة إذا كانت الهبة مشروطة بردها عند الطلاق؟
يجوز ذلك إذا كان الشرط منصوصًا عليه بوضوح في عقد الهبة وتمت الموافقة عليه من الطرفين، فالنظام السعودي لا يمنع وجود شروط معلقة في عقد الهبة طالما لا تتعارض مع النظام العام أو الشريعة، وبالتالي يمكن استرداد الهبة عند تحقق الشرط مثل وقوع الطلاق.
هل يستطيع الورثة الطعن في الهبة التي منحها والدهم لزوجته قبل وفاته؟
يجوز الطعن فقط إذا توفرت دلائل على أن الهبة صورية أو كانت بقصد حرمان الورثة من حقهم الشرعي، وهو ما قد يُثبت أمام المحكمة. أما إذا كانت الهبة صحيحة وموثقة وتم القبض بها في حياة الواهب، فلا يحق لهم طلب الرجوع أو البطلان.
هل تختلف أحكام الرجوع في الهبة بين الزوجة السعودية والأجنبية؟
النظام السعودي لا يفرق في هل يجوز الرجوع في الهبة للزوجة بين كونها سعودية أو غير سعودية، بل يعتمد الحكم على صحة العقد وشروطه ومدى تحقق القبض والرضا. فالمعيار هنا قانوني وشرعي، لا يتعلق بالجنسية أو الأصل.
نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.
المصادر
