عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية وسبب البراءة

في عصر تتسارع فيه التكنولوجيا وتزداد فيه استخدامات الإنترنت، برزت ظواهر سلبية تؤثر على كرامة الأفراد وسلامتهم النفسية، ومن أبرزها التحرش الإلكتروني. وحرصًا من المملكة العربية السعودية على حماية الأفراد من هذه الانتهاكات، وضعت قوانين صارمة لمعاقبة المتحرشين عبر الإنترنت.
لذا، يهدف هذا المقال إلى توضيح عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية، وتحليل أسباب البراءة في بعض القضايا، بالإضافة إلى استعراض الطرق القانونية المتاحة للإثبات.
مفهوم التحرش الالكتروني
التحرش الإلكتروني هو سلوك عدائي أو غير لائق يُمارَس عبر وسائل التواصل الرقمية، مثل الرسائل النصية، تطبيقات الهاتف، أو وسائل التواصل الاجتماعي. يتضمن هذا السلوك إرسال صور غير لائقة، كلمات ذات طابع جنسي، تهديدات، أو حتى مطاردة إلكترونية.
ويُعد هذا النوع من التحرش جريمة يعاقب عليها القانون السعودي، لا سيما إذا تضمنت السلوكيات إساءة استخدام الوسائل الإلكترونية بهدف الإضرار بشخص آخر نفسيًا أو اجتماعيًا.
يمكنك التعرف أيضا على: شروط ثبوت التحرش
عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية
تُعد عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية صارمة نسبيًا مقارنة ببعض الدول الأخرى، وذلك انطلاقًا من الشريعة الإسلامية التي تحث على صون الأعراض واحترام الآخرين، إضافة إلى سعي الدولة نحو تحقيق الأمن السيبراني.
وبحسب نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر عن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، فإن عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية تصل إلى السجن لمدة سنة كاملة، بالإضافة إلى غرامة مالية قد تصل إلى 500 ألف ريال سعودي.
كما تشمل عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية أيضًا المنع من استخدام بعض التطبيقات أو المواقع لفترات معينة.
جريمة التحرش في القانون السعودي
تندرج جريمة التحرش بشكل عام، سواء كانت إلكترونية أو جسدية، تحت مظلة نظام مكافحة جريمة التحرش الصادر بالأمر الملكي رقم (م/96) لعام 1439هـ. ويُعرف التحرش في هذا النظام بأنه “كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت”.
ويشمل هذا النظام التحرش في الأماكن العامة والخاصة، وأيضًا التحرش الإلكتروني، خصوصًا إذا كان المتحرش يستخدم التقنيات الحديثة كوسيلة للإساءة.
عقوبة التحرش في السعودية للاجانب
إذا كان المتحرش أجنبيًا، فإن عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية لا تختلف من حيث شدة العقوبة، ولكن هناك تدابير إضافية يمكن اتخاذها بحقه. بعد تنفيذ الحكم القضائي، يجوز ترحيله إلى بلاده ومنعه من العودة إلى المملكة، وذلك حفاظًا على الأمن المجتمعي.
يُطبّق القانون على الجميع دون تمييز، إلا أن السلطات القضائية تأخذ في الاعتبار خلفية المقيم وسجله السابق ومدى تكرار الجريمة. والهدف من عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية الرادعة هو ضمان سلامة المجتمع، خصوصًا في ظل تنوع الجنسيات داخل المملكة.
كيف تثبت جريمة التحرش الإلكتروني
من التحديات الأساسية التي تواجه الضحية في قضايا التحرش الإلكتروني هي إثبات الجريمة. لكن النظام السعودي يتيح عدة طرق قانونية يمكن للضحية من خلالها إثبات الواقعة، وأبرزها:
- الاحتفاظ بنسخة من المحادثات أو الرسائل، سواء كانت على البريد الإلكتروني أو تطبيقات الدردشة.
- تصوير الشاشة (screenshot) للرسائل التي تحتوي على عبارات أو صور مسيئة.
- الاستعانة بشهود في حال تمت مشاركة الرسائل أو الأفعال في مجموعات عامة.
- رفع بلاغ رسمي عبر تطبيق “كلنا أمن”، وهو تطبيق رسمي يتيح للمواطنين والمقيمين تقديم شكاوى متعلقة بالجرائم الإلكترونية.
إذا ثبتت الجريمة بالأدلة، فإن المحكمة تُصدر عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية ملزمة على المتحرش، ولا يُشترط وجود ضرر جسدي حتى تُقبل القضية.
عقوبة التحرش بدون دليل
واحدة من النقاط الجدلية في القضايا هي حين تُرفع دعوى تحرش إلكتروني بدون وجود أدلة قوية. في هذه الحالة، قد يتم رفض الدعوى لعدم كفاية الأدلة، وقد يُعتبر الاتهام نفسه قذفًا أو تشهيرًا إذا لم تثبت الجريمة.
ومن هنا، فإن عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية لا تُطبّق إلا إذا توفرت الأدلة أو اعترف الجاني. أما في حال كانت الأدلة غير كافية، فقد يُحكم بالبراءة، وهذا ما يفسر سبب البراءة في بعض القضايا، حتى وإن كانت الضحية على يقين من وقوع التحرش.
عقوبة التحرش عن طريق الجوال
يُعتبر استخدام الهاتف الجوال في التحرش وسيلة موثقة للجريمة، و عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية عبر الجوال تُعامل بنفس صرامة الجرائم التي تقع عبر الإنترنت أو التطبيقات الأخرى.
ومن صور التحرش بالجوال:
- إرسال رسائل غير لائقة أو متكررة.
- الاتصال المتكرر المزعج.
- إرسال صور ذات طابع جنسي.
- استخدام تطبيقات المحادثة بهدف التهديد أو الابتزاز.
إذا استطاعت الضحية تقديم نسخ من الرسائل أو تسجيل المكالمات، فإن المحكمة تعتبرها أدلة موثوقة وتُصدر عقوبة التحرش الالكتروني في السعوديةالمناسبة.
عقوبة التحرش في مواقع التواصل الاجتماعي
مع الانتشار الكبير لمواقع مثل تويتر، إنستغرام، سناب شات، وتيك توك، زادت حالات التحرش الإلكتروني التي تقع عبر هذه المنصات. لذا، شددت الجهات المختصة على ضرورة مراقبة المحتوى، وتفعيل خاصية الإبلاغ داخل هذه التطبيقات.
وتُعد عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية عبر هذه المواقع مشابهة لما سبق ذكره:
- السجن لمدة قد تصل إلى سنة.
- غرامة تصل إلى 500 ألف ريال سعودي.
- حجب الحساب أو المنع من استخدام المنصة.
في بعض الحالات، إذا كانت الجريمة مصحوبة بتشهير أو ابتزاز، قد تُضاف عقوبات إضافية تصل إلى السجن لمدة سنتين.
وتُعزز الجهات الأمنية السعودية من جهودها لمكافحة هذا النوع من الجرائم، من خلال التعاون مع شركات التقنية وإطلاق حملات توعوية واسعة.
يمكنك التعرف أيضا على: قضايا السناب شات
ختاما، تأتي عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية في إطار التزام المملكة بحماية الأفراد وتطبيق مبادئ العدالة والاحترام. ورغم وضوح القوانين، إلا أن العديد من الحالات تنتهي بالبراءة بسبب نقص الأدلة أو عدم معرفة الأفراد بالإجراءات القانونية الصحيحة.
من الضروري أن يكون كل فرد على دراية بحقوقه، وأن يوثق أي انتهاك يتعرض له، وأن يستخدم القنوات الرسمية للإبلاغ عن الجرائم. وفي الوقت نفسه، يجب أن نكون حذرين من تقديم بلاغات كيدية، حيث يمكن أن تنعكس هذه البلاغات سلبًا على مقدميها وتعرضهم للمسائلة القانونية.
في إطار رؤية المملكة 2030، يُعتبر الحفاظ على بيئة إلكترونية آمنة من الأولويات المستقبلية، مما يجعل مكافحة التحرش الإلكتروني أمرًا بالغ الأهمية.
أسئلة شائعة
ما هي أبرز أنواع التحرش الإلكتروني التي يُعاقب عليها؟
تشمل أنواع التحرش الإلكتروني التي يُعاقب عليها القانون السعودي ما يلي:
- الرسائل ذات الطابع الجنسي الموجهة عبر البريد أو تطبيقات المراسلة.
- إرسال صور أو مقاطع فيديو غير لائقة دون رضا الطرف الآخر.
- التعليقات المسيئة أو المخلة بالآداب عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- المطاردة الإلكترونية مثل التتبع المستمر أو المضايقة عبر حسابات متعددة.
- التهديد أو الابتزاز الإلكتروني باستخدام صور أو معلومات شخصية.
جميع هذه الأفعال تندرج تحت جريمة التحرش، ويُطبق عليها عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية طبقا لـ نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ونظام مكافحة جريمة التحرش.
هل تختلف العقوبات حسب جنس الضحية أو الجاني؟
لا، لا تختلف عقوبة التحرش الالكتروني في السعودية حسب الجنس، فالقانون يُطبّق على الجميع بغض النظر عن كون الجاني أو الضحية ذكرًا أو أنثى.
الهدف من القانون هو حماية كرامة الإنسان بغض النظر عن جنسه أو عمره أو مكانته الاجتماعية، كما أن القضاء السعودي ينظر إلى الوقائع والأدلة وليس إلى النوع.
لكن في بعض الحالات، قد تؤخذ ظروف الضحية بعين الاعتبار إذا كان هناك ضعف واضح أو استغلال لحالة معينة (مثل صغر السن أو عدم الوعي التقني)، مما قد يؤدي إلى تغليظ العقوبة.
ما هي الإجراءات القانونية المتبعة في قضايا التحرش؟
الإجراءات القانونية في قضايا التحرش الإلكتروني تبدأ بالخطوات التالية:
- تقديم بلاغ رسمي عن طريق أقسام الشرطة أو تطبيق “كلنا أمن”.
- تجميع الأدلة مثل الصور، الرسائل، أو تسجيلات الشاشة.
- تحويل البلاغ إلى النيابة العامة التي تقوم بالتحقيق وجمع أقوال الأطراف.
- إحالة القضية إلى المحكمة المختصة، وغالبًا ما تكون المحكمة الجزائية.
- صدور الحكم القضائي بناءً على الأدلة، وقد يشمل ذلك السجن، الغرامة، أو الترحيل إذا كان الجاني أجنبيًا.
وينصح دائمًا بعدم حذف الرسائل أو الأدلة، والاحتفاظ بها لتقديمها عند الحاجة، لأن القضايا الإلكترونية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على التوثيق الرقمي.
نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.
المصادر: