الفرق بين التظلم والطعن وأيهما الخيار الأنسب لحالتك؟

في ظل التوسع القانوني والتنظيمي في المملكة العربية السعودية، يزداد وعي الأفراد والمؤسسات بحقوقهم تجاه القرارات الإدارية أو القضائية التي تمس مصالحهم. وغالبًا ما يُطرح سؤال جوهري: ما الفرق بين التظلم والطعن؟ وأيهما يجب اللجوء إليه في حالة التعرض لقرار غير منصف أو مخالف للنظام؟
فهم الفرق بين التظلم والطعن لا يُعد ترفًا قانونيًا، بل هو ركيزة أساسية لاتخاذ الخطوة الصحيحة، وتحديد المسار النظامي الذي يكفل للفرد أو الجهة استعادة الحق، سواء من خلال الجهات الإدارية أو عبر القضاء المختص.
في هذا المقال الموسع، سنوضح لك الفروقات الدقيقة، ونشرح متى يُناسبك التظلم، ومتى يكون الطعن هو الحل الأقوى.
الفرق بين التظلم والطعن
يبدأ الفرق بين التظلم والطعن من حيث الجهة التي يُقدّم إليها كل إجراء، والطبيعة القانونية التي يُبنى عليها، حيث:
التظلم
- يُعد طلبًا إداريًا يُقدَّم إلى الجهة نفسها التي أصدرت القرار أو إلى الجهة الأعلى منها، يطلب فيه المتظلم إعادة النظر في قرار يرى فيه ضررًا أو إجحافًا.
- كما يتّسم التظلم بكونه إجراء إداري تمهيدي، قد يكون إلزاميًا في بعض الحالات قبل اللجوء إلى المحكمة،
الطعن
- هو اعتراض رسمي يُقدّم إلى جهة قضائية متخصصة، كالدوائر الإدارية في ديوان المظالم، ويُطلب فيه إلغاء القرار أو تعديله لوجود مخالفة نظامية أو خطأ في تطبيق الأنظمة.
- كما يُعد الطعن إجراء قضائيًا خالصًا، لا يُلجأ إليه إلا بعد استنفاد الوسائل الإدارية، أو مباشرةً إذا سمح النظام بذلك.
كذلك من أبرز أوجه الفرق بين التظلم والطعن أن التظلم يُراهن فيه على مرونة الجهة الإدارية واستعدادها لتعديل قراراتها داخليًا، أما الطعن، فهو رهين القضاء وقراراته التي تكتسب قوة الشيء المقضي به.
يمكنك التعرف أيضا على: درجات التقاضي في السعودية
الفرق بين التظلم والشكوى
رغم أن البعض يستخدم مصطلحي التظلم والشكوى بصورة مترادفة، إلا أن هناك فوارق جوهرية بينهما، حيث:
التظلم
- موجَّه إلى القرار الإداري ذاته، ويُبنى على أساس قانوني يطلب فيه المتضرر تعديل القرار أو إلغاؤه.
- التظلم يُنظر إليه من زاوية النظام القانوني، وله إطار زمني محدد، وإجراءات رسمية قد يشترطها النظام كشرط لقبول الدعوى القضائية.
الشكوى
- هي أوسع من ذلك، وقد تتعلق بسوء سلوك موظف، أو تأخير في الخدمات، أو تجاوز للسلطة، دون ارتباطها بالضرورة بقرار إداري نافذ.
- تعد الشكوى أداة رقابية تُستخدم لمساءلة الإدارة، وقد تكون طريقًا للمصالحة أو التحقيق دون أن يكون لها أثر مباشر على القرارات الرسمية.
وبالتالي، فإن الفرق بين التظلم والطعن لا يقف عند الحدود الإجرائية، بل يتفرّع إلى مقارنات أخرى، كما هو الحال مع الفرق بين التظلم والشكوى.
الفرق بين تظلم وتذكره
ربما لا يكون مصطلح “التذكرة” شائعًا لدى الجمهور مثل “التظلم”، إلا أنه يُستخدم في بعض السياقات الإدارية أو التنظيمية كتعبير عن مطالبة خفيفة أو تذكير للجهة المختصة بمعالجة موضوع معيّن.
التذكرة لا تُعد إجراءً قانونيًا ملزمًا، ولا يترتب عليها آثار نظامية أو آجال زمنية واضحة.
أما التظلم، فهو مسار إداري معترف به في الأنظمة السعودية، يمكن أن يكون له أثر قانوني واضح مثل تعليق تنفيذ القرار أو اعتباره شرطًا لقبول دعوى أمام المحكمة.
وعليه، يتعمق الفرق بين التظلم والطعن عندما نضع التظلم في مقابل إجراءات غير رسمية كالتذكرة، إذ يتّضح أن التظلم يمثل الخطوة الأولى في سلسلة متكاملة من الإجراءات التي قد تنتهي بالحكم القضائي.
ماذا يعني الطعن في القرار؟
الطعن في القرار يعني الاعتراض عليه أمام سلطة قضائية، بعد ثبوت وجود عيب قانوني، سواء في الشكل أو الجوهر. يهدف الطعن إلى تصحيح خطأ ارتكبته الجهة مصدرة القرار، ويُمكن أن يُبنى على عدد من الأسباب مثل مخالفة النظام، الخطأ في التطبيق، التعسف في استعمال السلطة، أو الانحراف عن الغاية من القرار.
من الناحية القانونية، الطعن يُعد امتدادًا لمبدأ سيادة القانون، ويُمارس أمام الجهات القضائية المختصة مثل محاكم ديوان المظالم. ويجب أن يُرفق بالطعن مذكرة قانونية تُبيّن أسباب الطعن والأسانيد النظامية التي يعتمد عليها الطاعن.
وهنا يظهر بوضوح الفرق بين التظلم والطعن، فبينما يُعد التظلم أداة داخلية لتصحيح القرار داخل الجهاز الإداري، يُشكل الطعن تحريكًا للسلطة القضائية لتقول كلمتها النهائية في مشروعية القرار.
الفرق بين التظلم الإداري والطعن القضائي
لكي نفهم الفرق بين التظلم والطعن بأبعاده الكاملة، لا بد من الإشارة إلى التظلم الإداري والطعن القضائي، حيث:
التظلم الإداري
- يُمارس أمام الإدارة نفسها، وهو قائم على مبدأ احترام التسلسل الإداري والفرصة في إصلاح الأخطاء دون اللجوء للمحاكم.
- التظلم الإداري قد يُغني عن الطعن القضائي إذا قبلت الإدارة إعادة النظر وعدّلت القرار، لكنه قد يتحوّل إلى بوابة نحو القضاء إذا لم يستجب له.
الطعن القضائي
- هو يستند إلى مبدأ الفصل بين السلطات، ويُقدَّم إلى المحكمة الإدارية المختصة.
- يتطلب الطعن القضائي استيفاء شروط قانونية دقيقة، كوجود مصلحة مباشرة، والتقيد بالمهل النظامية.
مراحل الطعن في قرارات الجهات الحكومية
في ظل التحديثات التشريعية التي يشهدها النظام القانوني في المملكة لعام 2025، أصبح الطعن في القرارات الحكومية أكثر تنظيمًا من ذي قبل. وتتمثل مراحل الطعن في الآتي:
1. مرحلة التظلم الإداري
يجب على المتضرر تقديم تظلم مكتوب خلال 60 يومًا من تاريخ العلم بالقرار. ويُنتظر رد الجهة خلال 90 يومًا، ويُعتبر سكوتها رفضًا ضمنيًا.
2. مرحلة رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية
في حال رفض التظلم، أو عدم الرد عليه خلال المدة المحددة، يمكن للمتضرر التوجه إلى المحكمة الإدارية المختصة وتقديم لائحة دعوى تتضمن وقائع الدعوى، وأسانيدها، والطلبات.
3. مرحلة الاستئناف
إذا صدر حكم ابتدائي من المحكمة، يمكن استئنافه أمام محكمة الاستئناف الإدارية.
4. مرحلة الطعن بالنقض
وهي المرحلة النهائية أمام المحكمة العليا، وتُقدم فقط في الأحكام النهائية التي تتضمن مخالفة صريحة للنظام أو خطأ جسيم في تطبيقه.
تُظهر هذه المراحل أن الفرق بين التظلم والطعن لا يكمن فقط في الإجراءات، بل في التدرج القانوني ومسار التقاضي الكامل، بدءًا من باب الإدارة وانتهاءً بباب العدالة العليا.
إجراءات وأثر الطعن بالنقض في المحاكم السعودية
الطعن بالنقض هو إجراء استثنائي يُمارس أمام المحكمة العليا في المملكة العربية السعودية، ويُرفع على الأحكام النهائية الصادرة من محاكم الاستئناف الإدارية أو العامة، في حال وُجدت فيها مخالفة صريحة للنظام، أو قصور في التسبيب، أو مخالفة لمبادئ قضائية سابقة مستقرة.
وهنا يظهر بوضوح الفرق بين التظلم والطعن، فالتظلم يركز على إقناع الجهة الإدارية بإصلاح قرارها، بينما الطعن بالنقض هو رقابة عليا على الحكم القضائي ذاته، من حيث صحته القانونية.
إجراءات تقديم الطعن بالنقض في السعودية
تمر عملية تقديم الطعن بالنقض بعدة خطوات يجب الالتزام بها بدقة، وفقًا لما نصت عليه أنظمة المرافعات الشرعية ونظام ديوان المظالم، وهى كالتالي:
1. التأكد من أهلية الحكم للطعن بالنقض
لا تُقبل جميع الأحكام أمام المحكمة العليا، بل فقط تلك النهائية، التي لا تقبل الاستئناف أمام درجة أدنى.
2. إعداد مذكرة الطعن بالنقض
يجب أن تتضمن المذكرة أسباب الطعن بشكل قانوني دقيق، مع تحديد أوجه الخطأ في الحكم المطعون فيه، سواء من حيث مخالفة النظام أو سوء تطبيقه أو وجود خلل في التسبيب.
3. احترام المهل النظامية
يجب تقديم الطعن خلال 30 يومًا من تاريخ تبليغ الحكم النهائي، وهي مدة سقوط لا تقبل التمديد.
4. دفع الرسوم القضائية
في بعض القضايا، قد يُطلب سداد رسوم رمزية لمباشرة الإجراءات أمام المحكمة العليا.
5. إحالة القضية للمحكمة العليا
بعد استكمال المستندات، تُحال الدعوى تلقائيًا للنظر فيها من قبل الدائرة المختصة في المحكمة العليا، والتي تبتّ فيها دون جلسات علنية، ودون الاستماع مجددًا للشهود أو الأطراف.
أثر الطعن بالنقض
تترتب على الطعن بالنقض آثار قانونية مهمة:
- تعليق تنفيذ الحكم المطعون فيه في بعض الحالات، خاصة إذا قررت المحكمة العليا قبوله شكلاً وموضوعًا.
- إلغاء الحكم السابق إذا ثبت وجود خطأ جوهري أو مخالفة نظامية.
- إعادة القضية إلى المحكمة المختصة للنظر فيها من جديد، بناءً على التوجيهات التي تُصدرها المحكمة العليا.
- ترسيخ المبادئ القضائية من خلال الأحكام الصادرة من المحكمة العليا، والتي تُعتبر مرجعًا للقضاء في المملكة.
4 أسباب رئيسية لقبول الطعن بالنقض
لا يُقبل الطعن بالنقض إلا إذا استند إلى أحد الأسباب التالية، والتي تُعد من أبرز أوجه الخطأ التي تسعى المحكمة العليا لتصحيحها:
1. مخالفة الأنظمة أو اللوائح التنفيذية
كأن يصدر حكم بناءً على نص قانوني غير مطبّق، أو يتم تجاهل نص نظامي واجب التطبيق.
2. الخطأ في تفسير أو تأويل النصوص النظامية
وهذا من أكثر أسباب النقض شيوعًا، حيث تُعيد المحكمة العليا النظر في فهم المحكمة السابقة لأحكام النظام، وتُقرر مدى صواب تطبيقه على الوقائع.
3. القصور في تسبيب الحكم أو تناقض أسبابه
فالأحكام القضائية لا تكتسب مشروعيتها إلا بتسبيب واضح ومترابط، وأي نقص أو تضارب في الأسباب يُعد عيبًا يبرر النقض.
4. مخالفة المبادئ القضائية المستقرة أو الاجتهاد القضائي السابق للمحكمة العليا
إذا خالف الحكم المطعون فيه توجيهًا سابقًا لمحكمة عليا في قضية مشابهة، فإن ذلك يُعد من أسباب النقض الجوهرية لضمان وحدة المبادئ القانونية.
يمكنك التعرف أيضا على: استشارات قانونية موثوقة
ختاما، القرار بين التظلم والطعن لا يجب أن يُتخذ بناءً على الانطباع أو الظن، بل على تحليل دقيق للحالة، وفهم النظام، ومدى استجابة الجهة الإدارية. في بعض الحالات، يكون التظلم كافيًا لاسترداد الحق، خاصة إذا أبدت الجهة تفهمًا للخطأ. وفي حالات أخرى، لا مفر من اللجوء للطعن القضائي، كونه السبيل الوحيد لإلغاء قرار غير مشروع.
أسئلة شائعة
ما هي متطلبات التظلم؟
لرفع التظلم بشكل نظامي في السعودية، يجب أن تتوافر مجموعة من المتطلبات الشكلية والموضوعية لضمان قبوله:
- تحديد الجهة المصدِرة للقرار: يجب أن يكون القرار صادرًا من جهة إدارية معترف بها، وله تأثير مباشر على المتظلم.
- وجود مصلحة قانونية: أي أن يكون للمتظلم مصلحة حقيقية ومباشرة في تغيير أو إلغاء القرار.
- تقديم التظلم خلال المهلة النظامية: غالبًا ما تُحدد بـ 60 يومًا من تاريخ العلم بالقرار.
- صيغة رسمية ومسببة: ينبغي أن يحتوي التظلم على وقائع واضحة، وأسباب الاعتراض، والأسانيد النظامية إن وُجدت.
- وسيلة تقديم معتمدة: عبر بوابات إلكترونية معتمدة مثل بوابة تواصل أو التقديم المباشر لدى الجهة المختصة.
يُعد استيفاء هذه الشروط أمرًا مهمًا لفهم الفرق بين التظلم والطعن، حيث إن التظلم إجراء إداري تمهيدي يعتمد على البنية الشكلية والمرونة الإدارية، بخلاف الطعن القضائي الأكثر صرامة.
هل يمكن تقديم التظلم والطعن في نفس القضية بشكل متزامن؟
من الناحية القانونية، لا يُقبل عادة تقديم التظلم والطعن القضائي في آنٍ واحد لنفس القرار، لأن ذلك يتعارض مع مبدأ تسلسل الإجراءات، ويؤدي إلى ازدواج في المسارات القانونية.
في الغالب، تشترط الأنظمة السعودية استنفاد التظلم الإداري أولًا، خصوصًا في القرارات الإدارية، قبل السماح برفع دعوى قضائية أمام المحكمة المختصة. فإذا تم تقديم التظلم، يجب الانتظار حتى يصدر قرار بشأنه أو تنقضي المهلة المقررة، وبعدها يمكن اللجوء للطعن.
نأمل أن يكون المقال المقدم من أفضل مدونة قانونية في السعودية قد وفر لك إجابات شافية لجميع الأسئلة والمواضيع التي كنت تبحث عنها، وفي حال كان لديك أي استفسار أو سؤال، لا تتردد في التواصل معنا.
المصادر:
نظام القضاء